يجد مسلمين فليشهد اثنين من أهل الكتاب ممن يؤمن بالله ويخاف منه إذا حلف به كاذبا فيقول الحقّ على أساس الإيمان والتقوى الدينيّة ، ولا بدّ من أن يستحلفهما الحاكم بعد الصّلاة أمام الملأ بأنّهما لم يشهدا من موقع خيانة أو كتم معلومات ، ولم يأخذا مالا على أن يكذبا ، فتقبل شهادتهما كما تقبل من المسلمين.
وقد جاءت الفتوى بذلك من الإماميّة والحنابلة استنادا إلى هذه الآية ، وخالفهم في ذلك أبو حنيفة ومالك والشافعي فقالوا : لا تقبل شهادة غير المسلمين مطلقا ولو كانت من بعضهم على بعض.
فإذا ظهرت الريبة على الشاهدين فيمكن الاعتماد على اثنين آخرين يملكان المعلومات الدقيقة على الموضوع ، فيقسمان بالله على ذلك ، ويؤكدان بطلان شهادة الشاهدين السابقين وعدم قيامهما بأي موقف عدواني ضد أصحاب الحقّ ، مما يعني أنّ الشهود أربعة ، يشهد الأولان بما لديهما ، فإن انحرفا قام الآخران مقامهما بالشهادة.
* * *
لا بدّ للقاضي من التدقيق في البينات
وقد نستوحي من ذلك في الموارد الأخرى أنّ للقاضي أن لا يقتصر على بيّنة واحدة إذا خشي وجود الخلل فيها ، لأنّ القضيّة المطروحة هي أن تنطلق الشهادة من الشهود على وجهها الصحيح بعيدا عن أيّ ريب من حيث الخيانة في الشهادة أو في اليمين ، مما يفرض التدقيق في المسألة ، ولا يكتفى بالشكل الساذج الّذي يستمع فيه القاضي إلى البيّنة من دون تحقيق شامل ، أو يكتفى بالحلف دون الدخول في دراسة شاملة لشخصيّة الحالف أو طبيعة اليمين. إنّها