يسود أجواء الحكم في ما يثأر من قضايا النزاع والخلاف أمام القضاء الإسلامي ... ولذلك فإنّنا ننقل الحديث كما ورد ، ليستعين به القارئ على فهم الآيات ، وليستوحي منه روح العدالة في الإسلام.
فقد جاء في كتاب الكافي ، «عن عليّ بن إبراهيم عن رجاله رفعه ، قال : خرج تميم الداري وابن بيدي وابن أبي مارية في سفر ، وكان تميم الداري مسلما ، وابن بيدي وابن أبي مارية نصرانيين ، وكان مع تميم الداري خرج له فيه متاع وآنية منقوشة بالذهب وقلادة أخرجها إلى بعض أسواق العرب للبيع ، فاعتلّ تميم الداري علّة شديدة ، فلما حضره الموت ، دفع ما كان معه إلى ابن بيدي وابن أبي مارية وأمرهما أن يوصلاه إلى ورثته ، فقدما المدينة ، وقد أخذا من المتاع الآنية والقلادة ، وأوصلا سائر ذلك إلى ورثته ، فافتقد القوم الآنية والقلادة ، فقال أهل تميم لهما : هل مرض صاحبنا مرضا طويلا أنفق فيه نفقة كثيرة؟ فقالا : لا ، ما مرض إلّا أياما قلائل ، قالوا : فهل سرق منه شيء في سفره هذا؟ قالا : لا ، فقالوا : فهل اتّجر تجارة خسر فيها؟ قالا : لا ، قالوا : فقد افتقدنا شيئا كان معه : آنية منقوشة بالذهب مكللة بالجواهر ، وقلادة ، فقالا : ما دفع إلينا فقد أديناه إليكم. فقدموهما إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فأوجب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عليهما اليمين فحلفا فخلّى عنهما ، ثمّ ظهرت تلك الآنية والقلادة عليهما ، فجاء أولياء تميم إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقالوا : يا رسول الله ، قد ظهر على ابن بيدي وابن أبي مارية ما ادعيناه عليهما ، فانتظر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من الله عزوجل الحكم في ذلك. فأنزل الله تبارك وتعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ (١) مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ) فأطلق الله عزوجل شهادة أهل الكتاب على الوصيّة فقط إذا كان في سفر ولم يجد المسلمين. (فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمانِ بِاللهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللهِ إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ) ، فهذه الشهادة الأولى الّتي جعلها