أن يشهد شخصين من غير المسلمين (أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمانِ بِاللهِ). وقد جاءت الأحاديث عن أئمة أهل البيت عليهمالسلام أنّ المراد بهم أهل الكتاب ، ولعلّ ذلك بلحاظ الحاجة إلى القسم بالله في بعض الحالات ، مما لا يتأتى إلّا من المؤمنين بالله. فإذا مات الإنسان ، وارتاب أولياء الميت بالشاهدين بسبب بعض الأوضاع الّتي تدفع إلى الشك ، مما يحقق لديهم قناعة أو ما يشبه القناعة بانحرافهما عن الخط الصحيح للمسألة ، فيتقدمان إلى مجلس القسم (إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللهِ إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ) ، وذلك بعد صلاة العصر بحسب إفادة بعض الرّوايات ، واختيار هذا التوقيت ، قد يكون إمعانا في توكيد الجوّ الروحي الّذي يوحي بالمسؤوليّة ، ويثير في النفس شيئا من الرهبة والخوف ، لأنّها الحالة الّتي يعيش فيها النّاس مع الله. وخلاصة القسم ، أنّهما لا ينحرفان عن خط الصدق في الشهادة مهما كلفهما ذلك من تضحيات ، ومهما قدم إليهما من إغراءات ، لأنّ الشهادة تمثّل ، في وعيهما ، موقف الحقّ في شخصيّة الإنسان المؤمن ، فلا يمكن أن يبيع موقفه هذا لأحد مهما كان حجم الثمن وقيمته ، وأنّهما لا يكتمان أيّ شيء منها ، لأنّها أمانة الله عندهما ، فهما لم يشهدا ليضيفا إلى معلوماتهما الشخصيّة معلومات جديدة عن الأحداث والأشخاص ، بل شهدا من أجل إثبات الحقيقة ، وإيصال صاحب الحقّ إلى حقّه. ويضيفان إلى ذلك ، التأكيد على الموقف إنّهما لمن الآثمين إذا انحرفا ، وبذلك يقرّان على نفسيهما باستحقاق العقاب من الله على ذلك في ما يمثّله الإثم من نتائج وخيمة عند الله. (فَإِنْ عُثِرَ) أي وجد أولياء الميّت (عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً) ، ولكنّهم لا يملكون الدليل المثبت لذلك ، فهم يعتقدون فيهما الكذب انطلاقا من بعض القرائن القاطعة ، فيؤتى بشاهدين منهم ، وهذا هو المراد من قوله تعالى : (فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ فَيُقْسِمانِ بِاللهِ لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما) وأقرب إلى