(ارْتَبْتُمْ) : شككتم في صدقهما.
(عُثِرَ) : عثر على الشيء : اطلع عليه.
* * *
في أجواء الشهادة على الوصية
وهذا نداء للمؤمنين حول الشهادة على الوصيّة ، فقد أراد الله للحقوق الّتي بين النّاس أن لا تضيع ولا تخضع للصّدف في طبيعة وسائل الإثبات ، فجعل الشهادة وسيلة لتأكيد الحقّ عند ما تتحرّك النوازع الذاتية لتدفع الإنسان إلى الانحراف والوقوع في قبضة الهوى والطمع ، فأراد أن يحمي الإنسان من نفسه ، فلا يستسلم لهواه ، ويحمي الحقّ من العدوان ، فلا يسقط أمام حالات الخيانة ، فإذا عرف من عليه الحقّ أنّ هناك شهودا ، كان ذلك ضمانة له من الانحراف ، وإذا عرف من له الحق أنّ له الحجّة في حقّه ، كان ذلك موجبا للاطمئنان والثقة بالمستقبل.
وقد ركّزت هذه الآيات على حالة خاصة من جملة الحالات الّتي تفرض الإتيان بالشهود ، وهي الحالة الّتي يصبح فيها الإنسان في مواجهة استحقاق الموت ، (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ) حيث يسبق هذا الاستحقاق بالوصيّة لمن خلفه من الأبناء والأهل والأقارب. وربّما كان التركيز على حالة الموت ، باعتبار أنّها الحالة الّتي يخشى فيها الإنسان فوات الحقّ أو الحاجة ، فأراد الله للإنسان أن يشهد عدلين من المسلمين ، (اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ) ممن تتوفر فيهم صفات الاستقامة على خط الشرع ، وتتحقق لديهم العناصر الأخلاقيّة الّتي تدعو إلى الثقة بصدقهم ، أمّا إذا كان الإنسان في سفر ، ولم يجد أحدا من المسلمين ليشهده على ذلك ، فلا مانع من