يتصوره البعض ، وهل هناك تحديد للآية في نطاق معين ، كما في حالات التقيّة ، أو في حالات الكفّار كما في بعض الرّوايات ، أو أنّ القضيّة تتجه اتجاها آخر؟!
والجواب عن ذلك ، أنّ الآية لا تأخذ وجهة الإهمال لدعوة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، لأنّ مدلولها يتضمن مسئوليّة الإنسان عن نفسه في القيام بها على أساس الخط المستقيم الّذي رسمه الله ، وذلك في مختلف دوائر وشؤون حياته الإيمانيّة والعمليّة والالتزاميّة ، سواء تلك المتصلة بشؤونه الخاصة أو العامة. فقد كلّفه الله بأن يمارس نشاطه العملي في هداية النّاس وإرشادهم ، وحفظ خطواتهم من الزلل ، ورعاية أمورهم ، وتدبير قضاياهم ، قدر إمكاناته الماديّة والمعنويّة. وعلى ضوء هذا ، فإنّ مسئوليّته عن النّاس هي جزء من مسئوليّته عن نفسه ، باعتبار أنّ ذلك من واجبات الإيمان. وليس في الآية ما يدل على خلاف ذلك ، بل هي واردة للتأكيد على الفصل بين النتائج الإيجابيّة الّتي ينتهي إليها الإنسان من خلال القيام بالتزاماته الشرعيّة ، وبين النتائج السلبيّة الّتي تتمثّل في سلوك النّاس مع أنفسهم ، سواء كان ذلك من جهة عدم استجابتهم له في ما يدعوهم أو يهديهم إليه ، أو عدم انضباطهم في واجباتهم بشكل ذاتي. فلا علاقة له بالنتائج السلبيّة المنطلقة من تمردهم وضلالهم ، ولأنّه قد قام بواجبه كاملا في هداية نفسه وهداية غيره ، فلا يضره من ضلّ إذا اهتدى ، وبذلك تكون المسألة مرتبطة بحركة الواقع في حياة الضالين والمهتدين ، بعد استكمال كل الشروط الموضوعيّة الّتي تقوم بها الحجّة على الضالين ، وتتحرّك بها المسؤوليّة من خلال المهتدين ، ولا بدّ من التركيز على كلمة (لا يَضُرُّكُمْ) فإنّها توحي بما قلناه ، فيكون مساقها مساق الآيات الّتي تتحدث عن إبلاغ الدعوة إلى النّاس ، باعتبار أنّ ذلك هو ما يستطيع الداعية أن يتحمل مسئوليّته ، لأنّ هناك شروطا في حركة الفكر والإرادة للإنسان ، كما أنّ هناك شروطا في الأجواء المحيطة به. وليس على