بعلاقة الذات بالتاريخ في آن واحد.
* * *
ليس لنا من الماضي إلّا دروسه وعبره
وجاء الإسلام ليناقش هذا الخط في التصوّر والممارسة ، وليخطط للنّاس المنهج الصحيح في ذلك كله ، فللتاريخ علاقته بالحاضر من موقع العاطفة البسيطة الّتي تشد الإنسان إلى آبائه وأجداده ، وحركته في الفكر والواقع ، من خلال الدروس والعبر الّتي يمكن أن يقدمها للأجيال المقبلة ، في ما خاضه الأولون من تجارب الحياة ، وليس له ـ في ما عدا ذلك ـ أي دور ، بل هو في أشخاصه ورموزه وحوادثه ، مجرّد مرحلة من مراحل الزمن الكثيرة الحافلة بالأخطار والانحرافات ، تماما كما هو الحاضر في حركته الفكرية والعملية ، وكما هو المستقبل بما يختزنه في داخله من أخطاء محتملة في التصور والممارسة والعلاقات ، لأنّ هذا الماضي كان حاضرا وسيكون الحاضر ماضيا غدا ، والمستقبل بعد غد ماضيا من الماضي ، الّذي يقدم للتاريخ ، في ما يكتبه المؤرخون ، كثيرا من الهزائم والانتصارات ، وكثيرا من حالات الفشل والنجاح ، والخطأ والصواب ، لتستمر الرحلة البشرية في هذا الاتجاه إلى نهاية العالم.
أمّا الحديث عن المجد والقيمة الّتي يحملها الأبناء من الآباء ، فهو حديث خرافة ـ في مفهوم الإسلام ـ لأنّ الإنسان يستمد مجده وقيمته من خلال كفاءاته الذاتية في العلم والعمل ، ولا يملك أحد أن يعطيه أيّة قيمة إضافيّة ، بعيدا عن خصوصياته الأساسيّة. وليس للآباء دور في ذلك من قريب أو من بعيد ، فإذا كان الأب صالحا فصلاحه لنفسه ، وإذا كان غير صالح فإنّه يتحمّل