وَالْمَيْسِرُ) الآية ، فقال علي عليهالسلام : يا رسول الله لقد كان بصري فيها نافذا منذ كنت صغيرا ، قال الحسن البصري : والله الّذي لا إله إلّا هو ما شربها قبل تحريمها ولا ساعة قط(١).
وهذه الرّواية أوشج ارتباطا وتعلقا بواقع شخصية علي عليهالسلام من الرّوايتين السابقتين ، وذلك لأنّه عليهالسلام تربى في أحضان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وتخلق بأخلاقه ، وأخذ بعاداته حتى كان صورة منه في خلقه وهديه وعقله والتزامه السلوك المستقيم.
ومن الطبيعي جدا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان بعيدا عن الخمر الّتي تسيء إلى العقل والروح والاتزان مما لا يمكن للإنسان الّذي يتميز بالسمو الروحي والصفاء العقلي والطهارة السلوكية أن يمارسه ، ولم يعهد منه ذلك حتى في حديث أعدائه ، فكيف يمكن لعلي عليهالسلام الّذي كان يقول : «كنت أتبعه اتباع الفصيل أثر أمه» ، أن يشرب الخمر فتغلبه على صلاته؟ هذا وينقل التاريخ عن أخيه جعفر بن أبي طالب أنّه كان لا يعاقر الخمرة لأنّها تفقد الإنسان عقله ، وعليّ كما هو معروف أفضل من جعفر للسبب الآنف ولغيره من الأسباب ، فكيف يمكن لجعفر أن يترك شرب الخمر بعيدا عن مسألة تحريمها ، ويمارسها علي عليهالسلام بهذه الطريقة؟!
كما أنّ هناك روايات أخرى ، ذكرها صاحب تفسير الميزان ، تؤكد ما سلف ، ومما ورد فيها ، أنّ عليّا وعثمان بن مظعون كانا قد حرّما الخمر على أنفسهما قبل نزول التحريم(٢) ، وقد ذكر في «الملل والنحل» رجالا من العرب حرّموا الخمر على أنفسهم في الجاهلية ... منهم عامر بن الظرب العدواني ، ومنهم قيس بن عامر التميمي ... ومنهم صفوان بن أمية بن محرث الكناني ،
__________________
(١) البرهان في تفسير القرآن ، ج : ١ ، ص : ٥٠٠ ـ ٥٠١.
(٢) تفسير الميزان ، ج : ٦ ، ص : ١٣٢.