ويلبس ويستمتع ، لتستمر الحياة من خلال مقوّماتها الضروريّة وغير الضروريّة ، والإنسان ـ بعد ذلك ـ بشر في روح الرسالة ، فلا بدّ له من أن يعيش الصّلاة والصوم والحجّ والعمرة والجهاد والابتهال إلى الله ، ولا بدّ له من أن يواجه هذه القضايا الّتي تتعامل معه من مواقع روحيّته بوسائلها الّتي لا تجعل الآخرة تتنكر للدنيا ، ولا تجعل الملاك يبتعد عن آفاق البشر.
* * *
الاستقامة أن تأخذ بجوانب الرفعة والإلزام
واعتبر ذلك خطا من خطوط الاستقامة الّتي تأخذ بجوانب الرخصة ، كما تلتزم بجوانب الإلزام ، لأنّ للرخص الّتي شرّعها الإسلام دورا كبيرا في بناء الشخصيّة واستقامة الطريق ، تماما كما هي الأمور الإلزاميّة في جانب الواجب والحرام. فإذا حرّم الإنسان على نفسه شيئا رخصه الله في فعله ، فإنّ ذلك قد يترك في الشخصيّة آثارا سلبيّة تشوّه الصورة في ملامحها العامة ، سواء في ما توحيه من أفكار أو في ما تفرضه من مواقف وعلاقات ومشاعر ، فالإنسان الّذي يعتبر رفض الطيبات قيمة روحيّة كبيرة ، سيجد في النّاس الّذين يقبلون عليها بحدودها الشرعيّة ، أناسا في المستوى المنخفض للقيمة الإسلاميّة ، وسيتعامل مع الأشخاص الّذين يرتبط معهم بعلاقات اجتماعيّة ذات مسئوليات معيّنة ، بطريقة بعيدة عن خط المسؤوليّة ، كما هو الحال في النّاس الّذين يهملون علاقاتهم الزوجيّة والأسريّة والاجتماعيّة عند ما يسيرون في خط ما يعتبرونه الصورة الحقيقيّة لمفهوم الزهد في الإسلام.
وقد نلاحظ في الحديث عن السبب في هلاك الأمم السالفة ، في