الملحدة والمشركة ، من خلال هذا الخط ، فنعيش معهم ، كما يعيش الإنسان مع عدوّه ، لأنّ اليهود يخططون لإضعاف الإسلام والمسلمين ، وبالتالي للقضاء على وجوده ووجودهم ، ولأن الملحدين والمشركين يعملون على نسف كل قواعد الإيمان في الحياة ، مما يجعل من مسألة العداوة أمرا طبيعيا ، لأنّ ذلك يرى أن رسالته وعقيدته يفرضان عليه القضاء على فكرك أو عليك ، وبالتالي لا يمكنك أن تعتبره صديقا ، أو تتعامل معه معاملة الصديق ، إلّا إذا كنت ساذجا لا تفهم الأشياء بوضوح.
وفي ضوء هذا ، ينبغي لنا أن نواجه بحذر الدعوات المؤكدة على التسامح في هذا المجال ، في ما يرفع من شعارات التسامح الديني ، ورفض التعصّب ، وما إلى ذلك. فقد يكون المقصود من ذلك كله ، تخفيف حالة التوتر الفكري والروحي والعملي الّتي يعيشها الإنسان المؤمن المسلم ، للمحافظة على خط الثبات في مواقعه الإسلاميّة ، وعدم إفساح المجال للاهتزاز والتزلزل أمام هجمات الأعداء ، لأنّ الإنسان كلّما اقترب من حالة الاسترخاء في مواقع التحدي ، كلّما اقترب من الهزيمة أمام مخططات الأعداء.
ربّما يكون من المصلحة للإسلام والمسلمين أن يحافظوا على نسبة عالية من درجات التوتر والالتزام بالخط ، لئلا يستغل العدو حالة الاسترخاء الّتي يعمل لإيجادها ، فيهزمنا بالضربة القاضية ، ولكن ليس معنى ذلك أنّنا نواجه الموقف بأساليب الانفعال المثيرة الّتي تملأ الجو بكل عناصر الإثارة ، لتخلق حربا هنا ، وحربا هناك ، وتثير الفوضى والخلافات الطائفيّة الحاقدة في كل مكان ، لأنّنا لا نجد في ذلك مصلحة للمسيرة الإسلاميّة ، بل معنى كل ذلك أنّنا نواجه الموقف بأساليب الوعي الّتي تتحرّك في الساحة بطريقة واقعيّة تتعامل مع المعطيات والظروف الموضوعيّة من موقع المحافظة على الوجود أمام الآخرين الّذين يعملون لتصفية هذا الوجود أو هزيمته.