شعب الله المختار ، والدعوة إلى إقامة الحياة بكل مظاهرها وتجلياتها وأبعادها على أساس المنطق المسلح بالحجج والبراهين الدامغة ، وبوسيلة الحوار البناء والجدال بالتي هي أحسن. ولذلك ، فإن قصة اليهود في التاريخ هي قصة الشعب المعقد الذي انطلق من التوراة في البداية ، لكنه ما لبث أن ابتعد عنها في تفكيره ، واقتصر منها على الإطار دون الصورة الحقيقيّة ، وصولا إلى استبدالها بالصور المزيفة ، التي تحاكي زيفهم الفكري والروحي الذي يعيشونه في خطوات الماضي والحاضر والمستقبل.
* * *
النصارى في منتجع القيم الروحية
أما النصارى ، فقد انطلقوا من خلال الإنجيل على أساس القيم الروحيّة التي يحفل بها ، مما يجعل من قضية اللقاء بهم قضية تخضع للأجواء الخاشعة في تصورها لله وفي حركة العبادة له ، بالرّغم من الاختلاف في تفاصيل ذلك كله ولهذا كانت الآيات تؤكد على هذا الجانب الروحي دون الذاتي فليست المسألة فئة تلتقي بفئة على أساس النطاق البشري الذي تمثله هذه أو تلك ، ولكن المسألة مسألة قيم يعيشها ويؤمن بها هؤلاء ليكون اللقاء على أساس ذلك. وقد أشارت الآيات إلى هذه الناحية ، واعتبرت وجود القسيسين والرهبان ظاهرة إيجابيّة ، في ما يمثله هذا اللون من الناس من انقطاع للعبادة وابتهال لله ، وتواضع للناس ، وابتعاد عن الاستكبار. وتحدثت عن التجربة الأولى للقاء ، في الوقت الذي لم يكن فيه المجتمع النصراني قد عاش عقدة الصراع ضدّ الإسلام والمسلمين ، نظرا إلى أن القضية كانت قضية الدعوة في بداياتها الأولى ، فقد تلقى الذين استمعوا إلى آيات الله ، آيات الله ، بروح منفتحة على الخير من كلمات البر ، واعية لعمق الروح الإيماني ، عائشة للفرح