السر ، وكان هواهم مع يهود لتكذيبهم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وجحودهم الإسلام ، وكانت أحبار يهود هم الذين يسألون رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ويتعنتونه ويأتونه باللبس ليلبسوا الحق بالباطل ، فكان القرآن ينزل فيهم في ما يسألون عنه ...» (١). وذلك لصرف النبيّ محمدصلىاللهعليهوآلهوسلم وإشغاله عن مهمته الأصليّة في بناء القاعدة ـ بما تثيره من القضايا الجانبية ، أو بما تمارسه من أساليب اللف والدوران ، ولتشغل المسلمين عن همومهم العملية من أجل مواجهة حياتهم الجديدة في ظل الإسلام ، بما يحدثون في داخلهم من ارتباك وقلق وتشويش ، وبما يثيرونه بينهم من خلافات وانقسامات.
* * *
اليهود وعقدة الزهو والغرور
وفي ضوء هذا العرض البسيط الذي يجعلنا نعيش في الأجواء التاريخيّة لنزول هذه الآيات ، نستطيع أن نعرف عقدة اليهود الّتي يحملونها ضدّ الإسلام والمسلمين في ما أثاروه ويثيرونه من مشاكل وخلافات وهموم وتحديات للواقع الإسلامي على مدى التاريخ ، لأنهم لا ينطلقون من قيم فكريّة وروحيّة معينة في ما يخططون ويكيدون له في تصرفاتهم وأعمالهم وعلاقاتهم ، بل ينطلقون من شعور مريض بالزهو والخيلاء والكبرياء والتفوق على بقيّة الشعوب ، الأمر الذي يدفعهم إلى المزيد من العنصريّة السوداء المتعصبة الحاقدة ، ويدفعهم إلى خنق كل عوامل التقدم والنمو والقوة التي للآخرين ـ لا سيّما المسلمين ـ الذين يطرحون ـ من خلال القرآن الكريم ـ الرفض لفكرة
__________________
(١) السيرة النبوية ، ابن هشام ، ت : مصطفى السقاء وآخرون ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، ١٤١٢ ه ـ ١٩٩٣ م ، ج : ٢ ، ص : ٥١٣.