الواحد للرسالات السماوية ، لأنهم رأوا فيها روحانيّة المسيحيّة الحقة ، وإخلاصها وواقعيتها الخاشعة ، مما جعل (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْباناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ) خشوعا لله سبحانه ، كما أشارت إليه هذه الآيات.
* * *
اليهود غدر دائم بالمسلمين
وهاجر النبيّ محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى المدينة ليشيّد المجتمع الإسلامي الجديد على دعائم القوّة والعلم والتقوى ، فواجه اليهود من أهل الكتاب هناك ، إذ لم يكن في المدينة نصارى ، متجنبا الاصطدام بهم ، بل أكثر من ذلك ، اتخذ موقفا منهم في غاية الحكمة ، إذا عقد معهم معاهدة صداقة تفسح المجال للتعايش السلمي بين الديانتين ، قائمة على أساس الحوار بعيدا عن العصبيات والسلبيات. وكان من الممكن لهذه المعاهدة أن تدوم وتخلق الجو الرائع للتعايش الديني السلمي لكنّ اليهود أبو أن يساهموا في استقرار هذ الجو فمضوا يعدّون العدّة للوقوف بوجه الدعوة الجديدة والنبيّ الجديد.
قال ابن إسحاق ، في رواية ابن هشام عنه في سيرة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ونصبت ـ عند ذلك ـ أحبار يهود لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم العداوة ، بغيا وحسدا وضغنا ، لما خصّ الله تعالى به العرب من أخذه رسوله منهم ، وانضاف إليهم رجال من الأوس والخزرج ممن كان عسى على جاهليته ، فكانوا أهل نفاق على دين آبائهم من الشرك والتكذيب بالبعث ، إلا أن الإسلام قهرهم بظهوره واجتماع قومهم عليه ، فظهروا بالإسلام ، واتخذوه جنة من القتل ونافقوا في