وجعل مسكنهم النار ، (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) [لقمان : ١٣] في ما يمثله من إساءة لعظمة الله وحقّه في توحيد العقيدة والعبادة.
* * *
التثليث انحراف عن وحدانية الله
أما في الآية الثانية فقد أشار إلى فكرة التثليث وأكد انحرافها بالتأكيد على وحدانيّة الله بكل ما للوحدة من بساطة تمنع التركيب والتجزؤ وتنافي التعدد ، ثم وجه إليهم الإنذار بقوله : (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْواهُ النَّارُ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ) وذلك من دون أن يدخل معهم في جدل فكري أو نقاش عملي ، لأن المسألة عندهم لم ترتكز على أساس القناعة الفكرية والبحث العملي ، بل ارتكزت على أساس الاعتماد على النظرة السطحيّة الضبابيّة للأشياء ، مما يجعل من كل أحاديث القرآن عن التوحيد وعن صورة عيسى عليهالسلام البشرية في ضعفها البشري ، ردا علميا مبسطا على كل هذا اللون من الفكر المنحرف ، ودعوة إلى السير في طريق التأمل في اكتشاف الانحراف من أجل الوصول إلى النتيجة الحاسمة. وإن أسلوب الإنذار والتهديد طريقة قرآنية حكيمة تهدف إلى أن تجعل الإنسان يواجه الموقف بجدية أكبر ، واهتمام أشد ، بما يمثله ذلك من علاقة بقضّية المصير ، ويبعده عن أن يتصرف فيه بأسلوب اللامبالاة والعبث ، لأن كثيرا من المواقف الفكرية المنحرفة ، قد تعود إلى عدم الإيمان بخطورة النتائج العلمية للانحراف ، مما يوحي بعدم بذل الجهد في سبيل التصحيح. وفي ضوء ذلك ، جاءت الآية الثانية لتدعو القائلين بالتثليث إلى الانتهاء عنه (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ) لأن التثليث ليس فكرا حقيقيّا ليلتزموا به من خلال الالتزام بالحقيقة ، بل هو الفكر المنحرف الذي ينبغي لأصحابه أن يكتشفوا انحرافه