الذي يراد تغييره ، لئلا تبقى الرواسب الماضية عقبة نفسيّة أمام التغيير الداخلي الذي يفسح المجال لتغيير الواقع.
وهكذا أراد الله لرسوله أن يتجاوز كل المخاوف الّتي قد تعطل الحركة ، وتمنع المبادرة ، وتربك المسيرة (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) ولا تلتفت إلى السلبيات الّتي قد يثيرها هذا الفريق أو ذاك ضد القضايا التي يريد الله أن تبلّغها للناس ، ولا تتوقف أمام الكلمات اللامسؤولة الّتي قد يطلقها بعض الحاقدين والكافرين ليشوهوا الموقف ، وليثيروا الغبار من حولك ، ليمنعوا الرؤية الواضحة للأشياء ، (وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ) ، ويتصاعد النداء ، وتعنف اللهجة ، وتشتد الكلمة في أجواء الإيحاء ، ويتوقف المتأمل أمام هذه الفقرة ، ليتساءل : ماذا هناك؟ فقد نزلت هذه الآية ، بعد أن كاد الرسول يبلغ نهاية المطاف في تبليغ رسالته ، بكل الأساليب الحكمية الرسالية التي كانت تعنف حينا وترق أحيانا ، وعانى الكثير الكثير من الجهد والتعب والجهاد في سبيل ذلك ، في الحروب الّتي خاضها في مواجهة التحديات الكافرة ، وفي حملات العداء الّتي تحملها بصبر ومسئوليّة ، وفي الكلمات القاسية الشاتمة الشامتة التي سمعها من المشركين فأعرض عنها استجابة لنداء الله ، فما القضية الجديدة الّتي يعتبر ترك تبليغها بمثابة الموقف الذي يلغي كل ذلك الجهد والتعب والمعاناة ، فكأنه لم يفعل شيئا ، ولم يبلغ حكما أو آية أو رسالة؟
* * *
كيف نستوحي هذه الآية؟
ماذا نستوحي من أجواء هذه الآية الّتي تؤكد الإصرار على الالتزام بالتبليغ في قضايا الفكر والتشريع الإسلاميّة الصعبة ، المثيرة لعلامات