باختيار صهره وابن عمه محاباة له ، الأمر الذي يحتاج إلى حماية إلهيّة في الوجدان العام للناس.
وهذا هو الذي يستوحيه المتدبر في الآية ، لأن الظاهر منها هو العصمة الرساليّة ، بمعنى إضعاف موقف القوى المضادة التي تريد استغلال نقاط الضعف في المسألة المطروحة على مستوي إثارة الحساسيات الاجتماعية ، لا العصمة الجسديّة بإبعاده عن الاعتداء عليه جسديّا بالجرح أو القتل ، لأن السياق بعيد عن ذلك ، هذا مع ملاحظة أن السورة مدنيّة ، فلا وجه لما ذكر في الروايتين الأولى والثانية من نزولها عليه في بداية الدعوة
* * *
الثبات في حمل الرسالة
وفي مطلق الأحوال ، فإن في هذا النداء الإلهي للرسول صلى الله وعليه واله وسلم الكثير من اللهجة الحاسمة ، والكثير من الإيحاء بالامتداد في حمل الرسالة والثبات في مواقعها ، لأن قضية الرسالة ليست كلمة تقال بحذر ، وليست موقفا يتّخذ بحياء ، بل هي الكلمة القويّة الهادرة الّتي تنفذ إلى النفوس بقوّة ، وتواجه العقبات بالتحدي ، وتتحرك في ساحة الصراع بحيويّة وثبات ، وهي الموقف الذي يجابه المواقف المضادة بطريقة حاسمة لا مجال فيها لسياسة اللف والدوران ، والمجاملات المائعة الخجولة ، ذلك لأن الدور الرسالي يمثل إرادة التغيير في المفاهيم والوسائل والأهداف ، وتفجير المشكلة من الداخل ، وتحويلها إلى حالة صراع يثير النزاع والخلاف والاهتزاز وتجاذب المواقف من أجل أن تكون النتائج النهائيّة خاضعة لعمليّة غربلة وتقييم وتفتيت للواقع