جهة ومن جهة أخرى فإن إعلان مودة عليّ ومحبة الناس له لا تحمل أي أساس للنقد وللكلام غير المسؤول من الناس ليكون ذلك سببا في الحديث عن عصمة الله له منه ، لأن من الطبيعي أن يدعو الإنسان الناس إلى مودة أقرب الناس إليه وإلى نصرته لا سيّما إذا كان في مثل مستوى عليّ عليهالسلام الذي يعرفه كل المسلمين بالقرابة القريبة من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم نسبا ومصاهرة وتقوى وجهادا ، مما لا يثير أيّة مشكلة في الواقع ولا يسمح لليهود أن يصطادوا في الماء العكر ، بينما تمثل الولاية ـ الإمامة ـ القيادة الكثير من الحديث السلبي ضد النبيّ محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم الذي وعده الله بأن يعصمه منه.
أما ما تحدّث عنه الفخر الرازي من قضية ضرورة الانسجام مع السياق ليجعلها واردة في تأمين النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من مكر اليهود والنصارى فهذا ما لم نستطع إخضاع الآية له لأنّ المسألة في موضوع عصمته من الناس لا تنطلق من الخط العام للرسالة في مفاهيمها وأحكامها الإجماليّة والتفصيليّة ، بل تنطلق من شيء معين خطير يريد الله من الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يبلغه. وإننا لن نجد هناك أيّة ضرورة لهذا الاتصال فيما بين الآيات لأن من الممكن أن يكون تنظيم الآيات خاضعا لارتباطها في الأجواء العامّة للفكرة التي قد تشتمل على جزئيات ومفردات متنوعة تلتقي بحركة الدعوة الإسلاميّة في خطوات الرسولصلىاللهعليهوآلهوسلم ومن معه في ما يواجههم من تحديات مختلفة في المواقع وفي الأسلوب ، وقد يكفي في هذا الارتباط أن هذا الموقف من الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم قد يثير الكثير من أقاويل اليهود في أجواء المدينة في اتهام النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بالعاطفة في مواجهة للأشياء وللأشخاص في ما يمكن أن يتمثل في قوله تعالى : (وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ).
وعلى ضوء ذلك ، فإن الأقرب في أسباب النزول هو ما رواه أبو سعيد الخدري في نزولها في غدير خم في نصب عليّ عليهالسلام أميرا للمؤمنين ، لأنه هو الذي كان من الممكن أن يثير الأقاويل من المنافقين ضدّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم