الوعد بالعصمة ، فإن الظاهر أن العصمة القوليّة مما يمكن أن يقوله الناس من كلام غير مسئول في المسألة الّتي يبلغها مما توحي به من عناصر للاتهام وللإثارة في الناس. وبعبارة أخرى ، إن القضية المطروحة ليست العصمة من الخطر الذي يمكن أن يصيب حياته ، فقد كان النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يتحرك في قلب الخطر في ساحات الحرب في حروبه المتعدّدة ولكن القضية المطروحة هي عصمته من كلام الناس في الموضوع المعيّن. والله العالم.
وأما بالنسبة إلى ما ذهب إليه الرازي في تفسيره الكبير فلنا أن نناقشه بأن أكثرها مما لا يتناسب مع جوّ الآية الذي يوحي بأن هناك أمرا مهما يتعلّق بسلامة الرسالة بحيث يعادل الامتناع عن تبليغه الامتناع عن تبليغ الرسالة من الأساس ، كما أنه يثير نوعا من الكلام في الجانب الذاتي لشخصية الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم. وقد نلاحظ على بعضها أنها كانت مما تحدث عنه القرآن في وقت سابق على نزول الآية كقضية الجهاد وقضية زيد وزينب بنت جحش وقضية الرجم والقصاص فلا مانع من أن يتحدث عنها بهذا الأسلوب الذي يوحي بأن الموضوع مثار تردد وبوقف. أما هيبته لقريش ولليهود والنصارى فهي من الأمور المنافية لشخصيّة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وموقفه الصلب في أداء الرسالة منذ عهد الدعوة حتى مرحلة الهجرة التي نزلت الآية في آخرها ، مع أن الآية توحي بأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان قد بلغ الكثير من الرسالة أو بلغ كل تفاصيلها كما تشير إليه كلمة (وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ) أي فكأنك لم تبلّغ الرسالة التي بلغتها ، لأن النتيجة ستكون بهذه المثابة من حيث الخطورة ، وبهذا نرجح أن يكون الوجه الصحيح هو الوجه الأخير ، وهو أنها نزلت في فضل عليّ عليهالسلام ، لأن قرب عليّ عليهالسلام من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من ناحية النسب والمصاهرة يفتح المجال للكثير من أقاويل السوء التي تربط الموقف بالعاطفة في قضية الولاية ، مما يحتاج إلى الدفاع الإلهي الذي يتمثل في عصمة الله له عن ذلك كله ، ولأن قضية الولاية تمثل امتداد وجود القيادة المسؤولة الكفوءة