يعصمك من الناس» (١).
وأخرج ابن أبي حاتم عن عنترة أنه قال لعليّ : «هل عندكم شيء لم يبده رسول الله للناس؟ فقال : ألم تعلم أن الله قال : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ)».
وأما نحن ، فلنا جملة ملاحظات على ما قيل ، نوجزها بالتالي :
بالنسبة للرواية الأولى ، فملاحظتنا أنها لا تتناسب مع وعي النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم للرسالة ، وقناعته بها ، واستعداده للدعوة إليها ، لأنها تتضمن ضيقه ذرعا وخوفه من تكذيب الناس له ، وتهديد الله له بالعذاب ، هذا مع ملاحظة أن الآية توحي بأنه كان قد بلغ الرسالة ، وأن الله قد أنزل عليه قضية تساوي الرسالة في أهميتها ، ويمثل إهمالها إهمالا للرسالة نفسها ، وهكذا الأمر في الرواية الثانية التي تمثل حيرة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أمام مسألة الدعوة ، وجهله بالطريقة الّتي يدعو بها الناس ليجتمعوا إليه ، في الوقت الذي نعرف فيه وعيه للواقع الذي عاش فيه وهو الذي عاش معه قبل الدعوة زهاء أربعين سنة ، مع ملاحظة أن الآية لا تمثل جوابا على التساؤل المذكور ، بل هي تتضمن أمرا بالتبليغ وتشديدا عليه وعصمة من الناس.
أما الرواية المتعلّقة بقوله : (وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) لا ندري كيف كانت هذه الآية أشدّ عليه وهي لم تتضمّن تهديدا بالعقاب بل تتضمّن عصمة له من الناس ، وكيف كانت النتائج السلبية برميه بالتراب والحجارة عصمة له ولا ينافي ذلك إنقاذ العباس له لأنه جاء بعد أن نال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ على تقدير صحة الرواية ـ الجهد الكبير.
وهكذا نلاحظ على مسألة ترك الحراسة من قبل النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم من جهة
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ٦ ، ص : ٥٩