وينحرفون عن الخط المستقيم في ما تفرضه إرادة الله من السير على طريق الاستقامة في سلوك الإنسان في الحياة. وإذا كان الله لا يحب المفسدين ، كان من اللازم على المؤمنين أن يرفضوا التعاطف مع هؤلاء ، لأنّ بناء شخصيّة المؤمنين يرتكز على قاعدة الانسجام مع خط رضى الله في مشاعره وعواطفه ، فيحب من أحبه الله ويبغض من أبغضه ، وبذلك يمكن للاستقامة في الجانب العاطفي في داخل الإنسان ، أن تفرض نفسها على طبيعة العلاقات الإنسانيّة الّتي يتحرك فيها الشعور ، وتفرضها العاطفة ، فلا يكون هناك فاصل في شخصيّة الإنسان الازدواجية بين نوعين من الشخصيّة ، بل يعيش الوحدة التامة الّتي تجعل تصوّراته الذاتيّة على صورة تصوّراته الرسالية الإسلاميّة ، في ما يتحرك فيه الفكر والعاطفة والعمل.
* * *
الإيمان مدخل لتكفير الذنوب
(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنا عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْناهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ) فليست هناك عقدة ضدّ أهل الكتاب ، لأنّ ذلك ليس معقولا في ما يتعلّق بعلاقة الله بخلقه في ثوابه وعقابه ، فليس له مصلحة في طاعة من أطاعه ، على مستوى الذات ، وليس عليه
خسارة في معصية من عصاه ، بل كل ما هناك هو حكمة الله ورحمته بما يصلح أمرهم ، ويسهل لهم حياتهم ، وليس أهل الكتاب بدعا من النّاس الّذين يعصون الله ، ولن يكونوا بدعا من النّاس الّذين يتوبون إلى الله عند ما يتوبون ، بل هم بشر ممن خلق ، فإذا تابوا وأصلحوا وأنابوا ، فإنّ الله يتوب عليهم ، ويكفّر عنهم سيئاتهم ، ويدخلهم جنّات النعيم. وفي ضوء ذلك ، يتبلور المفهوم الإسلامي في العلاقات السلبيّة الّتي يعيشها