أمّا في خط السياسية والاقتصاد والاجتماع والأخلاق ، فإنّهم يلجأون إلى كل ما يملكون من أدوات الإفساد والبلبلة والإرباك والتمييع من أجل إيجاد حالة من الاهتزاز والضياع في حياة النّاس ، وخلق وضع داخليّ نفسيّ يوحي بالتمرد على كل المبادئ والأعراف والتقاليد ، بقطع النظر عن الموازين الهادئة ، لما هو خير أو شرّ ، أو مصلحة أو مفسدة ، في هذا الجانب أو ذاك ، وذلك بطرق وأساليب خفية ، تتخذ من الواجهات السياسيّة والاجتماعيّة والدينيّة ستارا تختفي وراءه ، بحيث يبدو الأمر كما لو كان حركة تطورية عفوية ، بما تحفل به الحياة من حركات التطور الاجتماعي والفكري. وعلى ضوء هذا العرض القرآني لصفات اليهود ، في تجاوزهم كل الحدود في التعدي على حرمات الله بالمستوى الّذي لا يتوّرعون عن القول بأنّ (يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ) ، وفي هذا الجو النفسي الداخلي والبغيض ، وفي خطواتهم العمليّة المستمرة على مدى التاريخ في إفساد البلاد والعباد ، لا بدّ لنا من الحذر في التعامل والتعايش معهم في عملية رصد واعية ذكية ، تهدف إلى تفشيل كل مخططاتهم ، وتحجيم كل قوتهم ، وتهديم كل أوضاعهم ، لتحفظ للحياة سلامها وصلاحها لإطلاقها في طريق الله بأمان وإخلاص.
* * *
الله لا يحب المفسدين
(وَاللهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) لأنّ الله يريد للحياة السير على خط الصلاح والإصلاح بما يمثّله ذلك من مصلحة الإنسان الحقيقيّة على مدى الزمن ، ولذلك ، فإنّه يحب الصالحين والمصلحين الّذين ينفذون تعاليمه ويخضعون لإرادته ، ولا يحب المفسدين الذين يفسدون على النّاس حياتهم ، ويبعدونهم عن سلامة المصير في الدنيا والآخرة ، ويتمرّدون على أوامر الله ونواهيه ،