مناسبة النزول
جاء في الدر المنثور للسيوطي ، وأسباب النزول للواحدي ، عن ابن عباس «أتى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم نفر من يهود فيهم أبو ياسر بن أخطب ، ونافع بن أبي نافع ، وغازي بن عمرو ، وزيد بن خالد وأزار بن أبي أزار ، وأسقع ، فسألوه عمن يؤمن به من الرسل؟ قال : أؤمن بالله (وَما أُنْزِلَ عَلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) [آل عمران : ٨٤] فلما ذكر عيسى جحدوا نبوته ، وقالوا : لا نؤمن بعيسى فأنزل الله ، (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فاسِقُونَ) (١).
وزاد الواحدي : فلما ذكر عيسى جحدوا نبوته وقالوا : والله ما نعلم أهل دين أقل حظا في الدنيا والآخرة منكم ، ولا دينا شرا من دينكم ، فأنزل الله تعالى : (قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً) (٢).
ونحن نلاحظ أنّ الآيات واردة في التنديد بأهل الكتاب ـ وهم اليهود ـ في رفضهم للإيمان بالإسلام الّذي يؤكد على وحدة الرسالات بكل القيم الروحيّة والأخلاقيّة المتضمنة لها وبكل الشرائع المسنونة فيها ، في الوقت الّذي لا يمثّل الكتاب لديهم إلّا اسما للانتماء مع انحرافهم عن أحكامه وقيمه في عبادتهم للطاغوت ، وأكلهم السّحت ، الأمر الّذي أدى إلى أن مسخ الله بعضهم قردة وخنازير ولعنهم وغضب عليهم.
__________________
(١) الدر المنثور ، ج : ٢ ، ص : ١٠٨.
(٢) أسباب النزول ، ص : ١١٢.