لم تنطلق من الخصوصيّة بل من العنوان العام ، وهو عدم «الحكم بما أنزل الله من دون تفريق بين موارده». والله العالم.
* * *
القرآن مهيمن على ما عداه
(وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ) وجئت ـ يا محمّد ـ في ختام الرسالات لتكون خاتم الرسل الّذي يجمع في الكتاب ، الّذي أنزل عليه بالحق ، في كل آياته ، كل ما يبقى من خطوط الكتاب الأول الّذي هو التوراة في بعدها التشريعي ، والإنجيل في بعده الروحي الأخلاقي ، ليصدقه في كل المضمون الفكري والاتجاه العملي ، باعتبار أنّه كلمة الله المنفتحة على الحقّ كله.
وربّما كان المراد الكتاب كله الّذي يضم الكتب المنزلة على الأنبياء ، ومنها صحف إبراهيم وزبور داود ونحوهما ، (وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ) أي أمينا وشاهدا عليه وحافظا له ، فهو الّذي يرتفع بالقيمة الأخلاقيّة والروحيّة إلى المستوى الأعلى الّذي يصل بالإنسان ـ من خلالها ـ إلى درجة الكمال ، باعتبار أنّه يمثّل الخط التصاعدي الّذي يرافق التطوّر الإنساني في حاجاته الروحيّة والماديّة ليخطط له المنهج الّذي يتحرك فيه في انفتاحه على الواقع بما لا يبتعد به عن المثال ، وفي توازن القيمة في العناصر الفرديّة الّتي تغذي في الإنسان ذاتيته الاجتماعيّة الّتي تحدد له مكانه في المجتمع من خلال مسئوليّاته فيه ، وهكذا تتمثل الهيمنة في الحفاظ على أصالة الكتاب وإبعاده عن التحريف ، وفي صيانة القيم الّتي تضمّنها الكتاب والارتفاع بها إلى الأفق الأوسع ، والمجال الأرحب.
* * *