واطمئنان ، بل هي أن يحرّكوا عقدتهم أو حقدهم أو نفاقهم الّذي انطلقوا به ضدّ الإسلام والمسلمين ، فهم (مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ) وذلك رغبة أو رهبة أو تامرا ، (وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ) وهم المنافقون ، (وَمِنَ الَّذِينَ هادُوا) الّذين عاشوا في تاريخهم الأسود كل ظلمات الجريمة والتآمر على رسالات الله ورسله عليهالسلام ، هؤلاء الّذين كانوا يمثلون التحالف الأسود ضد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ورسالته.
إنّهم (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ) ، احترفوه ممارسة ، وانسجموا معه كأسلوب عمل ، وأصغوا إليه بمسامع قلوبهم ، فهم يقبلون على كل كلمة كذب ، لأنّها تمثل أداة التزييف للتصور وللموقف في حياة النّاس. وذلك هو السبيل الّذي تنجح معه مخططاتهم الشيطانيّة ، وهم (سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ) لم يأتوا الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ولم يجلسوا إليه ، ممن (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هذا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا) فهم يريدون من النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يسير وفق أحكامهم وتطلّعاتهم الباطلة ، فإن فعل فلا مانع من الانسجام معه ، أمّا إذا عاش مسئوليتة كرسول يحكم بالحق والعدل ، فلم يستجب لتصوراتهم المنحرفة ولأحكامهم المحرّفة ، فإنهم يحذّرون أصحابهم ليبتعدوا ويتمرّدوا ويثيروا الضوضاء أمام حكم الله!
* * *
لا سبيل إلى هداية من لم يأخذ بأسباب الهداية
ويُتابع القرآن الصورة ، بطريقة استطراديّة ، للإيحاء للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بأنّ عقدتهم ليست هي العقدة القابلة للحل ، بل هي العقدة المستعصية الّتي انطلقت من الرفض الذاتي الراقد في أعماقهم ، لأنّهم لم يأخذوا بأسباب الهدى ، بل أغلقوا قلوبهم عن وعي الحق ، وعن الدخول في حوار فكري من