وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ) ، إنّني لا أريد تحمّل الإثم بقتلك ، فلن أقتلك ، وإذا كنت أنت عازما على قتلي فستتحمل الإثم في ذلك كما تتحمل مسئوليّة آثامك الأخرى الّتي لا علاقة لها بموقفك مني ، وبذلك تكون في أصحاب النّار الّتي هي العقاب الإلهي للذين يظلمون النّاس بغير الحقّ ، بأي نوع من أنواع البغي والعدوان.
* * *
لا استسلامية هابيل لقابيل
وفي ضوء هذا التفسير ، فإنّ هابيل لم ينطلق من إرادة الاستسلام لأخيه ليقع أخوه في الإثم الّذي يعرضه لدخول النّار ، لأنّ ذلك يشفي غيظه منه حتّي لو كان ذلك على حساب حياته ، بل انطلق من المبدأ في رفض إقدامه على الاعتداء عليه الّذي يجعل القضيّة في ساحة حركة قابيل الّذي سوف يرجع بإثم أخيه وإثمه هو إذا بقي على عزمه في قتل أخيه ، فلم تكن الإرادة لدى هابيل في موقع الإيجاب ، لأنّه ليس بالإنسان المعقّد الّذي يفكر بتحريض أخيه على قتله ليلاقي جزاء عمله ، فذلك ما لا يمكن أن يفكر به عاقل فضلا عن المؤمن الواعي ، بل كانت الإرادة من موقع السلب بمعنى عدم إرادة قتله لقابيل مما يجعل المبادرة في اختيار أخيه.
ولم تكن المسألة استسلاما ، لأنّ الآية لا توحي بأنّ حركة القتل كانت سريعة بحيث بادر قابيل إلى قتل هابيل غدرا ، بل الظاهر من الآية التالية أنّ القضيّة أخذت وقتا ـ طويلا أو قصيرا ـ من التفكير حتّى قادته نفسه الأمارة بالسوء إلى القيام بالجريمة في غفلة من هابيل. هذا في جانب ، وفي جانب آخر ، فإنّه ليس في كلام هابيل أخيه قابيل ما يفيد الاستسلام سواء لنيّة أو فعل