عنها قصة النّبيّ آدم عليهالسلام.
فآدم عليهالسلام ، وبوحي من نبوته من جهة ، ومن تجربته القريبة في الجنة ، الّتي خاض فيها تجربة مرة مع إبليس ووسوساته وإغراءاته كان الثمن خروجه منها .. وهبوطه وزوجه إلى الأرض .. أراد عليهالسلام بوحي من ذلك كلّه ، أن يوفر على ولديه مثل هذه المعاناة ، فقام ، ولا ريب ، بوعظهما ونصحهما وإرشادهما وتعليمهما ، بما يتناسب وإمكانياتهم الذاتية آنذاك ، من قيم الإيمان وسلوكياته المتنوعة. ويبدو أنّه كان هناك ، على الأقل ، قبول مبدئي بهذه التصورات الدينية الأولية من كليهما ، يظهر ذلك من توجيههما معا لتقديم القرابين لله تعالى ، إلّا أنّ تقديم هذه القرابين كان بمثابة الظرف المناسب لكشف عن حقيقة إيمان كلّ منهما .. إذ ما كاد الله تعالى يتقبل من هابيل حتّى انتفض قابيل ساخطا محتجا بفعل الحسد الّذي أخذ بمجامع قلبه وضميره وعقله ، فكان أن هدد أخاه بالقتل. وهذا من شأنه أن يكشف لنا عن أنّ الإيمان ليس مجرد فكرة نعتنقها أو نتبناها ، وإنّما هو أولا وأخيرا ، استجابة مستمرة للتحديات ، وثبات في الموقف إزاءها من موقع الإيمان نفسه.
* * *
التقوى هي الأصل
ولذلك أراد الله لنبيّه أن يتلو على النّاس خبر هذين الولدين اللذين عاشا مع أبيهما آدم وتأثرا به في مسألة الإيمان ، ولكنّهما اختلفا في استقامة أحدهما وانحراف الآخر في نهاية المطاف ، حيث قاما بتقديم القربان إلى الله ليتقربا إليه مما قد يكون ـ في ذلك الوقت ـ نوعا من العبادة ، ولم تكن بينهما أيّة مشكلة قبل ذلك ، بل كانا يعيشان كأخوين في النسب والإيمان .. وكانت التجربة الأولى (إِذْ قَرَّبا قُرْباناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما) وهو هابيل كما تتحدث الرّوايات ، (وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ) وهو قابيل ، ربّما عرفا ذلك من خلال العلامة المذكورة