من أصحاب النّار ، الّتي هي جزاء الظالمين. وهذا هو مضمون الكلمة المأثورة عن الإمام محمّد الباقر عليهالسلام : «من قتل مؤمنا متعمدا أثبت الله عزوجل على قاتله جميع الذنوب وبرىء المقتول منها» (١). ومن هنا جاء موقفه من أخيه كعمليّة ردع في البداية وعقوبة في النهاية.
وقد يخيّل لبعض النّاس أنّ الموقف ـ هنا ـ يوحي بالروح الاستسلاميّة الانهزاميّة التخاذلية الّتي تنكر على الإنسان حقّ الدفاع عن نفسه ، ولكنّ القضية ليست كما يتخيّل ، فقد كان الحوار يدور ـ كما يبدو ـ حول مبدأ العنف في مواجهة خيبة الأمل وثورة الانفعال ، باعتبارها لا تبرر شيئا من ذلك ، وليس في الآية أيّة إشارة إلى تفصيل ما حدث وكيف حدث. هل وقف المؤمن أمام أخيه الظالم موقف المستسلم ، أو موقف الدفاع عن نفسه ، أو أنّ الجريمة حصلت بفعل المفاجأة وبطريقة الاغتيال؟ لقد أغفلت الآيات ذلك كله ، لأنّها لا تريد الدخول في التفاصيل البعيدة عن حركة الفكرة في الحوار ، بل كانت تركّز على أصل الفكرة من حيث طبيعتها ، أو من حيث تمثيلها لبداية الشر في الكون ، ولسذاجة المجرم الشرير البدائي ، وجهله بطريقة إخفاء جريمته أو دفن ضحيّته ، حتّى بعث الله له غرابا يعرّفه كيف يواري أخاه ، مما جعله يخضع لحالات التأمل العميق الّتي تؤدي به إلى الندم على كل ما فعله.
* * *
نبأ قابيل وهابيل
(* وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِ) التلاوة من التلو وهي القراءة ، سميت بها لأنّ القارئ للنبأ يأتي ببعض أجزائه في تلو البعض الآخر. والنبأ هو الخبر إذا كان ذا جدوى ونفع.
__________________
(١) البحار ، ج : ١٠١ ، باب : ٣٦ ، ص : ٣٧٧ ، رواية : ٤٢.