وهناك نقطة أخرى ، وهي أن الآثار المترتبة على الزواج بالنسبة للمرأة كالأمومة ومتطلباتها ، قد تفرض عليها البحث عن فرصة لتحقيق نوع من التأمين المادي عند ما تفقد إمكانات العمل أو تواجه التعقيدات فيها ، كما نلاحظه في كثير من الحالات التي تختلف فيه أوضاع العمل للمرأة عن الرجل ، باعتبار أن فرص العمل للرجل قد تكون أكثر من المرأة ، لا سيّما إذا تقدمت بها السنّ ، ولم تعد تملك المواصفات التي ترى فيها المجتمعات المنحرفة فرصة لاجتذاب الزبائن أو نحو ذلك ، فقد جعل الإسلام لها الفرصة الاجتماعية لأن تطلب من زوجها أن يدفع لها تأمينا مستقبليا ـ وهو المهر المؤجل ـ ليتفاهما عليه ، لتشعر بالثقة بالمستقبل في الحالات التي تفقد زوجها بالموت أو بالطلاق من دون أن يكون لها مورد اقتصاديّ ثابت أو متحرك في ظروفها الخاصة ، مما يمكن أن يهيّئ لها المجال لتبدأ العمل من خلال رأس المال الذي تملكه لرعاية نفسها أو أولادها.
إنّ الاستقلال الاقتصادي لا ينفي الحاجة إلى تأمين المستقبل في الحالات الطارئة ، وهذا ما نلاحظه في تشريع التأمين على الحياة في القوانين الحديثة على أساس الحاجات لتعزيز الشعور بالثقة في المستقبل الذي قد يحمل بعض التعقيدات المادية الصعبة.
ولا بد من التوقف عند الملاحظة الحيوية ، وهي أن المسألة بالنسبة إليها لا تمثل إلزاما بالمهر الكثير الذي قد يوحي بالمعنى السلبي في معنى إنسانيتها ، بل هو خيار ذاتيّ لها ، فيكون لها اختياره عند الشعور بالحاجة إليه في مستقبل أمرها ، ويمكن لها إهماله أو رفضه إذا لم تجد حاجة إليه ، تماما كأية حالة اجتماعية يملك فيها الإنسان ـ أيّ إنسان ـ الحصول من الآخرين على بعض الموارد المالية من خلال رغبتهم به أو حاجتهم في الأوضاع الطبيعية الإنسانية.