بأسمائها المعروفة المعهودة ، كلما نزلت آية متعرضة لحكم متعلق بشيء من تلك الأسماء بإمضاء أو ردّ أو أمر أو نهي ، لم يكن بدّ من حمل الأسماء الواردة فيها على معانيها المسماة بها ، من غير أن تحمل على معانيها اللغوية الأصلية ، وذلك كالحج والبيع والربا والريح والغنيمة وسائر ما هو من هذا القبيل ... فلم يمكن لأحد أن يدّعي أن المراد بحج البيت قصده ، وهكذا ... وكذلك ما أتى به النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من الموضوعات الشرعية ، ثم شاع الاستعمال حتى عرفت بأساميها الشرعية ، كالصلاة والصوم والزكاة وحج التمتع وغير ذلك ، لا مجال بعد تحقق التسمية لحمل ألفاظها الواقعة في القرآن الكريم على معانيها اللغوية الأصلية بعد تحقق الحقيقة الشرعية أو المتشرعة فيها. فمن المتعين أن يحمل الاستمتاع المذكور في الآية على نكاح المتعة لدورانه بهذا الاسم عندهم يوم نزول الآية ، سواء قلنا بنسخ نكاح المتعة بعد ذلك بكتاب أو سنّة أو لم نقل ؛ فإنما هو أمر آخر.
وجملة الأمر ، أن المفهوم من الآية حكم نكاح المتعة ، وهو المنقول عن القدماء من مفسري الصحابة والتابعين ، كابن عباس وابن مسعود وأبي بن كعب وقتادة ومجاهد والسدي وابن جبير والحسن وغيرهم ؛ وهو مذهب أئمة أهل البيت عليهالسلام.
ومنه يظهر فساد ما ذكره بعضهم في تفسير الآية ، أن المراد بالاستمتاع هو النكاح ، فإن إيجاد علقة النكاح طلب للتمتع منها ، هذا وربما ذكر بعضهم أن السين والتاء في «استمتعتم للتأكيد» ، والمعني : تمتعتم ، وذلك لأن تداول نكاح المتعة (بهذا الاسم) ومعروفيته بينهم لا يدع مجالا لخطور هذا المعنى اللغوي لذهن المستمعين» (١).
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ٤ : ص : ٢٧٩ ـ ٢٨٠.