وهكذا أراد القرآن أن يسمي الأشياء بأسمائها ، فهناك استمتاع ، وهناك أجر على ذلك ، ولكنه قد يختلف في معطياته عن معنى الأجر في غيره من الأشياء والأعمال.
هذا بعض ما نستوحيه من هذه الفقرة ، في ما تتضمنه من التعبير. ولكن المفسرين لم يتوقفوا عند ذلك ، بل دخلوا في مجالات أخرى ، فتساءلوا هل هذه الفقرة مجرّد تأكيد لمعنى المهر ووجوب دفعه؟ أو هي بيان لزواج من نوع آخر عرفه المسلمون في عصر الدعوة ثم اختلفوا بعد ذلك في حليته وحرمته ، وهو «زواج المتعة» الذي هو الزواج إلى أجل مسمى ضمن شروط معينة ، تلتقي مع الزواج الدائم في بعضها وتختلف عنه في بعضها الآخر؟!
المعروف بين المفسرين من علماء الشيعة وبعض علماء السنة ، أن المقصود بها زواج المتعة ، وقد أوضح ذلك صاحب تفسير الميزان العلّامة الطباطبائي ، فقال :
«والمراد بالاستمتاع المذكور في الآية نكاح المتعة بلا شك ؛ فإن الآية مدنيّة نازلة في سورة النساء في النصف الأول من عهد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد الهجرة ، على ما يشهد به معظم آياتها ، وهذا النكاح ـ أعني نكاح المتعة ـ كانت دائرة بينهم معمولة عندهم في هذه البرهة من الزمان من غير شك ـ وقد أطبقت الأخبار على تسلّم ذلك ـ سواء كان الإسلام هو المشرّع لذلك ، أو لم يكن ، فأصل وجوده بينهم بمرأى من النبي ومسمع منه لا شك فيه ، وكان اسمه هذا الاسم ولا يعبّر عنه إلا بهذا اللفظ ، فلا مناص من كون قوله : (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَ) محمولا عليه مفهوما منه هذا المعنى.
كما أن سائر السنن والعادات والرسوم الدائرة بينهم في عهد النزول