الآية وزواج المتعة
(فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً) هذا تفريع على ما تقدّم ، وتقرير للفكرة التي تدخل إلى عمق المعنى الذي يوحيه المهر ، من خلال ما يرمز إليه من اعتباره لونا من ألوان التعويض بمحبة عما يحصل عليه الزوج من الاستمتاع ؛ بالإضافة إلى المعاني الأخرى التي يريدها الله للزواج ، من حيث كونه مرتكزا على المودّة والرحمة والوحدة الروحية بين الزوجين ... وقد انطلق القرآن في إعطاء ذلك طابعا روحيا ، عند ما اعتبره فريضة من الله ، على خلاف الكلمات غير الدقيقة التي تحتقر جانب الاستمتاع في الزواج وترى فيه إهدارا لكرامة المرأة ، لأنه يمثل نوعا من البيع والشراء ونحوهما من المعاني التي لا تقترّب من احترام إنسانية المرأة ... ولكن الإسلام يريد من الإنسان أن ينظر إلى الزواج نظرة واقعية تضع كل الأشياء الحسية والمعنوية في نطاقها الطبيعي المعقول ، فلا تغفل أيّ جانب من الجوانب الطبيعية ، التي يتمثل فيها الجانب الجنسي كشيء بارز كبير ، ليكون المفتاح الذي يفتح للزوجين الأبواب الأخرى للزواج ؛ وبهذا لم تكن النظرة إليه سوداء ، بل كانت بيضاء واضحة تتحرك في النور ، في كل ما يثأر حوله من أحاديث. وليس ذلك إلا لأن الإسلام يريد من الإنسان أن يتعاطى مع غرائزه وشهواته وتطلعاته كموجود حي يعيش على الأرض ، كما هو في تكوينه الذاتي ؛ فإذا أراد أن يرتفع به ، فإنه يعمل على ذلك من خلال إنسانيته بكل ما تتطلبه من معطيات ، وما تفرضه من حاجات ، وما تنطلق فيه من تطلعات روحية ومادية ؛ فهو لا يريده ملاكا ، بل يريده إنسانا يعيش في ماديته بعضا من وحي الملاك.