حال الاحتضار لا تعبّر عن موقف واع وإرادة حرّة ، بل هي تعبير العلم عن حالة تخلص من المأزق الصعب وهروب من حراجة الموقف.
* * *
لمن التوبة؟
للتوبة ـ في المفهوم الإسلامي القرآني ـ معنى العمق الإيماني في الانفتاح على الله بالعودة إليه ـ في حالة الخطيئة ـ بالإحساس العميق بالندم على التمرّد العملي على أوامره ونواهيه ، والإرادة القوية الواعية في تغيير المسار من خط الانحراف إلى خط الاستقامة ، ومن تحويل الموقف من واقع المعصية إلى واقع الطاعة في روحية إيمانية تتمثل الإخلاص في العلاقة بالله.
(إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ) الذي يتقبل التوبة عن عباده مما فرضه لهم من الحق في قبولها بالعفو عن الخطيئة وغفران الذنب وإدخالهم في رحمته من جديد ، (لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ) الذنب (بِجَهالَةٍ) بالسير في خط الانحراف عن خطه المستقيم انطلاقا من خلل في التصور ، أو في تقدير الأمور ، أو في حسابات الربح والخسارة ، أو غفلة عن النتائج السلبية على قضية المصير الأخروي ، أو الخضوع لسلطان الشهوة تحت تأثير النفس الأمارة بالسوء مما يدخل في عنوان «السفاهة» العقلية أو العملية في غياب الوعي الصافي الذي ينظر إلى الأمور بوضوح ويتحرك معها باتزان ، (ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ) قبل أن يعاينوا الموت ، وذلك في الحالة التي يملكون فيها التراجع عن الانحراف ، لأن الساحة تحمل الكثير من الفرص للتغيير ، لأن التوبة في مثل هذه الحالة تعني وعي خطورة الخطيئة وإرادة العودة الواعية إلى الله ، مما يوحي بأن هذا الإنسان يتحرك في نطاق العودة إلى معنى إيمانه في حركة الطاعة لله.
وقد ذكر بعض المفسرين أن المراد بقوله (مِنْ قَرِيبٍ) الزمان القريب من وقت حصول المعصية ، فيكون المعنى التوبة الفورية والندم السريع ، لأن