وهو الزيادة والكثرة ؛ وكل شيء جاوز قدره وحدّه فهو فاحش. فإن ذلك يعني أن الإسلام يمثل ، في تشريعاته الإيجابية والسلبية ، الحدّ الطبيعي للأشياء ، في ما يريد للمكلّف أن يقف عنده ، مما يجعل من الفحشاء والفاحشة عنوانا لأيّ انحراف وتجاوز عن الحدّ الشرعي للأمور ، سواء في السلوك الأخلاقي أو الاقتصادي أو الاجتماعي ، ولكن الإسلام لم يجعل العقوبة على المفهوم العام للكلمة ، بل وضعها في حدود معيّنة من الممارسات المرتبطة بالجانب الجنسي للإنسان ، كالزنى واللواط والسحاق والقيادة والقذف ونحو ذلك ...
وقد اختلف المفسرون في المراد من كلمة الفاحشة في هاتين الآيتين ، هل هو معنى واحد ـ وهو الزنى ـ أم أن الآية الأولى تتحدث عن السحاق ، والثانية عن اللواط ، أم أن المراد بالأولى الزنى ، وبالثانية اللواط.
وقد لا نجد في مدلول الآية ، من حيث منطوق الكلمات فيها ، ما يؤكد هذا القول أو ذاك ، ما دامت الكلمة تتسع لأي معنى من هذه المعاني ؛ ولكن البعض حاول أن يفهم منها بعض ملامح التخصيص ، فقد ذكر أن مورد الآية الأولى هو المحصنات المتزوجات ، لأن كلمة النساء تطلق في أكثر من مورد في القرآن على الزوجات ، كما أن العرف يساعد على ذلك ، بينما يراد من الآية الثانية غير هذا المورد في الرجال والنساء ، في ما تعطيه كلمة: (وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ) بلحاظ الحديث فيها عن الإيذاء الذي هو عنوان للعقوبات المختلفة التي جعلت في هذا المجال.
وحاول البعض أن يستنطق كلمة (وَالَّذانِ) ، ليجعلها دليلا على إرادة اللواط من الآية الثانية ؛ فإن العدول عن التأنيث في الأولى إلى التذكير في الثانية ، يدل على أن الحكم فيها مختلف في مورده عن الأولى ، لتكون الثانية مختلفة بالانحراف المذكّر من الفاعل والمفعول ، والأولى مختصة بالانحراف