المؤنّث ـ إن صح التعبير ـ في ما يمثله الحديث عن (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ) وذلك لأنه لا وجه لهذا التنوّع في التعبير إلا الإشارة إلى ذلك.
أما أبو مسلم ، فقد استفاد من هذا التنويع طبيعة المقصود من الفاحشة ، فقد اعتبر الحديث عن (اللاتي) في الأولى حديثا عن الفاحشة التي تكون كل عناصرها من النساء ، والمتمثلة في عملية السحاق ؛ كما أن الحديث عن «اللذان» هو حديث عمّا يكون العنصر الكامل فيه من الرجال ، وذلك هو شأن اللواط.
وهكذا حاول كل فريق أن يجد في بعض الجوانب الفنية للكلمات ما يؤكد الوجه الذي يذهب إليه ، ولكننا نحسب أن ذلك كله لن يجعل المعنى محصورا في ما ذهبوا إليه ، لأن أيّ جانب من الجوانب التي أثاروها في عملية الاستنطاق للكلمات ، لا يخلو من احتمال آخر لوجه آخر ، وكمثال على ذلك نقف أمام الوجه الأول الذي ارتكز على ظهور كلمة النساء في المتزوجات ؛ فإننا نواجه عدة آيات في القرآن تتحدث عما يشمل غير المتزوجات بكلمة النساء ، كما في كثير من آيات الإرث وغيرها ، كما أن هذا الوجه لم يتحدث عن معنى التثنية المذكورة في الآية الثانية في مقابل الجمع المؤنث في الأولى ... وهكذا نجد المعنى الثاني في اختصاص الثانية باللواط ، فإن كلمة «واللذان» يمكن أن تكون واردة مورد التغليب على أساس إرادة الزنى منها. وهذا باب واسع في التعابير القرآنية وغيرها ، مما لا يجعل المعنى مخصوصا بما ذكر ؛ وبهذا يمكننا المناقشة في الوجه الثالث.
وفي ضوء ذلك ، لا بد لنا أن نقف من هذه الوجوه موقف الاحتياط ، الذي لا يستطيع الجزم بشيء منها ، من خلال طبيعة المدلول اللفظي للآية ، بل يرد علمه إلى أهله ، فيرجع إلى الأحاديث الواردة في التفسير ، ليحدّد من خلالها المعنى الذي تكون الآية فيه منسوخة أو محكمة ؛ وذلك موكول إلى