الخلود في النار والعذاب المهين فيها ، لأن ذلك هو جزاء الذين يعصون الله ورسوله.
(تِلْكَ حُدُودُ اللهِ) التي بينها في فرائض الميراث وأمر اليتامى ، وفصّلها بطريقة واضحة لا تحتمل اللّبس ولا تدفع للخلاف ، فلا تتجاوزوها إلى غيرها لئلا تنحرفوا عن الخط المستقيم الذي أراد الله لكم أن تسيروا عليه في الانفتاح على مواقع طاعته. (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ) في أوامرهما ونواهيهما (يُدْخِلْهُ) الله سبحانه (جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا) أي من تحت أشجارها وأبنيتها ، (الْأَنْهارُ) أي ماء الأنهار (خالِدِينَ فِيها) فلا موقع للموت هناك بل هو البقاء والدوام في الحياة ، (وَذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) أي الفلاح العظيم ، وأي فلاح أعظم من الفوز بالمصير النهائي ، ليجد الإنسان نفسه في أجواء نعيم الجنة ورضوان الله.
(وَمَنْ يَعْصِ اللهَ) أو ينحرف عن خط العبودية له ، فيتمرد على تعاليمه وأوامره ونواهيه في شؤون الفرائض وغيرها ، (وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ) فيتجاوزها إلى تشريعات غيره مما يشرّعه المنحرفون عن الله أو توحي به النفس الأمّارة بالسوء من خلال وسوسات الشيطان ، (يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها) فلا يموت فيها فيرتاح (وَلَهُ عَذابٌ مُهِينٌ) وأية إهانة أعظم من هذا النوع من الإحراق والتعذيب والإسقاط الروحي الذي لا يملك الإنسان فيه أيّ توازن أو احترام.
أمّا اختلاف التعبير بالجمع عن أصحاب الجنة في قوله : (خالِدِينَ فِيها) وبالفرد عن أصحاب النار في قوله : خلدا فيها فلعل الأساس فيه أن أهل الجنة ينعمون بنعيمها مجتمعين ، بينما أهل النار مشغولون بأنفسهم عن غيرهم ؛ فلكل واحد منهم عذابه وآلامه التي لا تتيح له التطلع أو التفكير بمن حوله من الآخرين.
وقد جاء هذا التعبير (حُدُودُ اللهِ) في أكثر من آية من أجل التأكيد