في الآية الثانية ، فإن المراد بها إخوته لأبيه وأمه ، أو لأبيه فقط. وقد ذكرت الآية أن للواحد من ولد الأم السدس من غير فرق بين الذكر والأنثى ، على أساس أن الحصة هنا بلحاظ الأم وبشكل مستقل ، أما إذا كانوا أكثر من واحد ، فهم شركاء بالثلث على نحو التساوي. وقد عقبت الآية بما تقدم في الفقرات السابقة عن أن الميراث لا يكون إلا بعد وفاء الدّين وإنفاق الوصيّة ، وقد أشارت إلى رفض الإضرار بالدّين وبالوصية ، ويقصد بالأول الإقرار والإيصاء بالدّين الذي لا يراد منه إلا الإضرار بالورثة ، وبالثاني : الإيصاء بالزائد عن الثلث ، فإن الزائد يتوقف على رضا الورثة. وقد وضع القرآن هذا التشريع في الإرث في نطاق «الوصية من الله» من أجل أن يأخذ معنى وروحاً ، بالإضافة إلى ما فيه من مضمون مادي ، ليتحرّك المؤمن على أساس الروح الإيمانية التي توحي إليه بأنه ينفذ وصايا الله وينطلق في خط طاعته.
ولكن هذا التعبير لا يوحي بالرخصة ـ كما يخيل للبعض ـ باعتبار أن الوصية تدخل المضمون في الجو الأخلاقي غير الإلزامي ، فإن مفهومها لا يحمل أي شيء من ذلك ؛ بل قد نلاحظ في التخطيط الشرعي للوصية الصادرة من الإنسان ، لونا من ألوان الإلزام. وذلك في قوله تعالى : (فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ) [البقرة : ١٨١] ، ويضاف إلى ذلك دلالة الآيتين اللاحقتين على الإلزام في أعلى درجاته.
* * *
العول
وهناك مسألة في الإرث كانت ولا زالت موضعا للجدل بين السنة والشيعة. وهي مسألة العول ، ولا بد لنا من التعرض لها إجمالا لعلاقتها بالمسألة التفسيرية لآيات الإرث باعتبار أنها قد توحي بعدم الدقة في أحكام الإرث.
والعول هو أن تزيد السهام على التركة ، كما لو ترك الميت زوجة