يُسْراً) (١) ، وكالتكرار في قوله : (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) (٢) وهذا فيه معنى زائد على التكرار ؛ لأنه يفيد الإخبار عن الغيب.
ومن البديع عندهم ضرب من الاستثناء كقول النابغة (٣) :
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم |
|
بهن فلول من قراع الكتائب |
وكقول النابغة الجعدي (٤) :
فتى كملت أخلاقه غير أنه |
|
جواد فلا يبقى من المال باقيا |
فتى تم فيه ما يسر صديقه |
|
على أن فيه ما يسوء الأعاديا |
وكقول الآخر :
حليم إذا ما الحلم زيّن أهله |
|
مع الحلم في عين العدو مهيب |
كقول أبي تمام (٥) :
تنصّل ربّها من غير جرم |
|
إليك سوى النصيحة والوداد |
ووجوه البديع كثيرة جدا ، فاقتصرنا على ذكر بعضها ، ونبهنا بذلك على ما لم نذكر كراهة التطويل ، فليس الغرض ذكر جميع أبواب البديع.
وقد قدر مقدرون أنه يمكن استفادة إعجاز القرآن من هذه الأبواب التي نقلناها ، وإن ذلك مما يمكن الاستدلال به عليه ، وليس كذلك عندنا ؛ لأن هذه الوجوه إذا وقع التنبيه عليها أمكن التوصل إليها بالتدرب والتعود والتصنع لها ، وذلك كالشعر الذي إذا عرف الإنسان طريقه صح منه التعمل له ، وأمكنه نظمه.
والوجوه التي تقول إن إعجاز القرآن يمكن أن يعلم منها ، فليس مما يقدر البشر على التصنع له والتوصل إليه بحال.
ويبين ما قلنا : أن كثيرا من المحدثين قد تصنّع لأبواب الصنعة ، حتى حشى جميع شعره منها ، واجتهد أن لا يفوته بيت إلا وهو يملؤه من الصنعة ، كما صنع أبو تمام في لاميته :
متى أنت عن ذهليّة الحي ذاهل |
|
وصدرك منها مدة الدهر آهل |
__________________
(١) آية (٥ ، ٦) سورة الانشراح.
(٢) آية (١) سورة الكافرون.
(٣) سبقت ترجمته.
(٤) سبقت ترجمته.
(٥) سبقت ترجمته.