وقد يطرح سؤال : كيف نوفق بين تفضيل بعض الرسل على بعض ورفع بعضهم درجات ، وبين قوله تعالى : (لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ) [البقرة : ٢٥٨] التي قد يستوحي منها البعض المساواة؟ والجواب عن ذلك ، أن تلك الآية واردة في مسألة الإيمان بالرسل وأن الله يريد للمؤمنين أن يؤمنوا بجميع الرسل ، فلا يؤمن أحدهم برسول لينكر الرسول الآخر ، كما يحدث لدى اليهود الذين أنكروا رسالة عيسى عليهالسلام والنصارى الذي أنكروا رسالة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وليست واردة في الحديث عن الخصائص النبوية في مسألة التفاصيل في المساواة أو الفضل.
وقد يطرح سؤال ثان ، لماذا تحدث القرآن عن تفضيل الرسل بعضهم على بعض ليتحدث بعد ذلك عن اختلاف أتباعهم واقتتالهم؟
وربما يجاب عن ذلك بما أجاب به صاحب الميزان ، بأن الآية في مقام دفع ما ربما يتوهم ، أن الرسالة ، خاصة من حيث كونها مشفوعة بالآيات البينات الدالة على حقية الرسالة ، ينبغي أن يختم بها بليّة القتال : إمّا من جهة أن الله سبحانه لما أراد هداية الناس إلى سعادتهم الدنيوية والأخروية بإرسال الرسل وإيتاء البينات ، كان من الحريّ أن يصرفهم عن القتال بعد ويجمع كلمتهم على الهداية ، فما هذه الحروب والمشاجرات بعد الأنبياء في أممهم ، وخاصة بعد انتشار دعوة الإسلام الذي يعد الاتحاد والاتفاق من أركان أحكامه وأصول قوانينه؟ وإما من جهة أن إرسال الرسل وإيتاء بينات الآيات للدعوة إلى الحق لفرض الحصول على إيمان القلوب ، والإيمان من الصفات القلبية التي لا توجد في القلب عنوة وقهرا ، فما ذا يفيده القتال بعد استقرار النبوّة؟
ويتابع السيد العلامة الطباطبائي الحديث ، فيجيب عن هذا التوهم : إن الذي يجيب تعالى به : أن القتال معلول الاختلاف الذي بين الأمم ، إذ لو لا