وتصويرية تتنوّع فيها منابع الإيحاء وموارده أمام الترغيب والترهيب ، مما يجعل الفكرة في خطّها المستقيم أو المنحرف جزءا من هذا الجو المليء بالروعة والرهبة ، فقد نجد أن مثل هذا الأسلوب يساهم في تحقيق هدفين :
الأول : أن تبقى الفكرة مشدودة إلى أجوائها الروحية ، فلا تبقى مجرّد فكر جامد يطرح القضية في ظروفها الموضوعية التي تبعدها عن مسارها الطبيعي ...
الثاني : أن تظل الفكرة في حالة حركة إيجابية في داخل الشخصية المؤمنة ، فلا تتجمد في زاوية من زواياها ، بل تتسع لتشمل كل الجوانب ، فتحرّك الفكر والمشاعر والخطى لتهزّها ـ بعنف ـ نحو الممارسة والمعاناة ، فتبعدها عن الاسترخاء والسلبيّة التي قد تصيب المؤمنين من خلال بعض النوازع الخاصة.
٣ ـ الإيحاء بأن العلاقة بين الله والناس هي علاقة حبّ من نوع جديد ، ومحاولة تربية الشخصية الإسلامية على أساس الحبّ لله ، بعيدا عن الأجواء الذاتية التي تستغرق في الأفكار والعواطف في ما يشبه الغيبوبة ، وقريبا من الأجواء التي تقترب بالإنسان من الأعمال التي تحقّق رضا الله ، الذي هو تعبير إيمانيّ عن محبة الله للإنسان. وفي هذا الاتجاه ، يمكن للتربية الإسلامية أن تصنع الشخصية الإنسانية الجديدة التي تهتز فيها المشاعر بالفكر والعمل ، قبل أن تهتزّ بالتنهّدات والتمنيات.
وربما يصبح ذلك طابعا للعلاقات الإنسانية التي تربط الشخصية بالآخرين ، فتتحوّل إلى الروابط العملية الروحية بدلا من الروابط العاطفية الذاتية ، ويتجه الإنسان ـ من خلال ذلك ـ إلى علاقات أعمق وأقوى لا يحكمها المزاج بالانفعالات الطارئة ، بل يسيطر عليها العقل بالخطوات