إلى التصور الصحيح في ما يريد الله لهم أن يؤمنوا به أو يرفضوه. وربما كان في الدعاء الذي يعيش في أعماق هؤلاء الراسخين في العلم ، دلالة على ذلك ، فإنه يوحي بالحالة النفسية التي يعيشها العالم الذي يعمل على اكتشاف حقيقة مقدّسة تتصل بوحي الله ، فهو يشعر بحركة الفكر من خلال المسؤولية في جوّ مليء بالرهبة والخوف من الوقوع في الخطأ من حيث لا يريد ، انطلاقا من حالة ذاتية لا شعورية تقوده إلى الخطأ من موقع الصواب ، فهو ـ في هذه الحالة ـ يبتهل إلى الله أن يعصمه من حالات الزيغ والانحراف ، بأن يلهمه الفهم الواعي المسؤول ويهب له الرحمة التي تفتح قلبه على الحق والخير وتجنبه الوقوع في قبضة الشر والباطل. ثم يتصاعد الشعور في نفسه أمام المشهد الرهيب الذي يجمع الله فيه الناس ليوم لا ريب فيه ، فإن الله قد وعد عباده بذلك وهو لا يخلف الميعاد.
* * *
خلاصة واستنتاج
ومن خلال هذا العرض ، نستطيع أن نقرر بأن الإحكام في الآية كما هو في كل شيء ، أن يكون هناك إتقان لا يسمح بأيّة ثغرة تسيء إلى تكامل الشيء وتوازنه. ومن الطبيعي أن إحكام كل شيء بحسبه. أما المصاديق فهي خاضعة للإحصاءات الدقيقة التي يكتشفها الفهم الواعي السليم. وأما التشابه ، فإنه يمثل وجود حالة في اللفظ أو في المعنى توحي بحالتين متماثلتين ، بحيث لا يكون هناك خصائص واضحة توضح طبيعة الصورة ، مما يثير في الجو إمكانية الالتباس والتردد بين الأمرين بالنحو الذي يسمح بالاستغلال لمن يريد ذلك لمرض في قلبه أو هوى في نفسه. وأمّا التأويل ، فإنه يعني إرجاع الشيء إلى مصدره وحقيقته ، لكن لا على نحو التفسير