نموذج الراسخين في العلم
أمّا (الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) ، هؤلاء الذين أعطاهم الله الرؤية الواضحة للأشياء ، فإن شأنهم شأن العلماء الذين لا يصدرون حكما في موضوع إلا بعد التدبر والتأمل والبحث والتدقيق في جميع وجوهه ، الأمر الذي يجعلهم يقارنون بين مفهوم وآخر ، وبين نصّ هنا ونصّ هناك ، مما قد يوحي بالتنافي والتنافر ، فيحاولون الجمع بينهما من خلال اكتشاف الحقائق الأساسية الواضحة ، وإرجاع كل الأمور والنصوص الأخرى إليها في عملية تفسير للفظ على الأسس الفنية للكلام ، بحيث لا تبتعد عن القواعد العربية ، ولا تنحرف عن المفهوم السائد في فهم المعنى من اللفظ ، وبذلك لا يكون التأويل حملا للفظ على خلاف ظاهره بالطريقة التي تحوّل الكلام إلى ما يشبه الأدب الرمزي الذي لا يكون اللفظ فيه قالبا للمعنى ، بل يكون التأويل إرجاعا للفظ إلى معناه ، في ما يزعمه هؤلاء من تأويلات الباطل عند ما يرجعونه إلى معانيه الباطلة ، أو في ما توحي به الآيات الأخرى الواضحة الدلالة في ما تقرره من حقائق العقيدة والحياة وما يكتشفه (الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) من معناه الذي علّمهم الله إياه. وبهذا يقترب من معنى التفسير الذي يضع اللفظ في موقعه من حيث دلالته على المعنى الذي لا يختلف مع المعنى الآخر الحقيقي.
* * *
التأويل ليس محصورا بالله فقط
ونستطيع من خلال ذلك أن نعرف عطف كلمة (الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) ،