تتحرك فيه.
* * *
السياق العام للآية
فقد نلاحظ في ما سبقها من آيات ، أن الحديث انطلق في سياق اعتبار الكتاب الذي أنزل على رسول الله هدى للناس كغيره من الكتب السابقة عليه ، مما يجعله مبيّنا لكل المفاهيم الأساسية التي ذكرت في التوراة والإنجيل ، لأنه مصدّق لهما في ذلك كله ، ذلك هو طابعه العام في ما أريد به من تغيير المسار الإنساني على صورته. أما في الآيتين اللتين بعدها ، فنلاحظ أن هناك دعاء ينبع من أعماق الروح التي تعيش الإحساس بالقلق على القلب أن يزيغ في ما يمكن أن يثأر أمامه من شبهات في المفاهيم التي يقرّرها الكتاب في ما يقرّره من حقائق العقيدة والحياة ، ومن إشكال في بعض الكلمات التي قد تختلف دلالتها على المعنى الحقيقي ، مما يوجب السير في طريق الضلالة بعد أن انطلقت الخطى في طريق الهدى.
إن الدعاء يبتهل إلى الله سبحانه أن يهب للإنسان الرحمة التي تمثل انفتاح الإنسان على الحق والفهم الواعي البعيد عن تعقيدات الذات عند ما تحاول أن تنحرف به عن الاتجاه الطبيعي في وعي النصوص ، لأنها قد تعمل على أن تحمّل اللفظ ما لا يتحمل من المعنى ، وتضعه في جوّ غريب عن الجو الذي يتحرك فيه ، فيختلف الفهم حسب اختلاف ذلك ويبتعد كثيرا عن معناه. وبذلك كان لا بد من رحمة الله التي تعطي الإنسان شعورا بالمسؤولية في مجال المعرفة ، كما هي المسؤولية في مجال العمل ، حيث تتفايض في القلب كل الأفكار الطيبة البسيطة التي تواجه الحقيقة ببساطتها من موقع العفوية لا من موقع التعقيد والأفكار المسبقة الناشئة من أوضاع وظروف بعيدة عن إطار اللفظ والمعنى.
* * *