لمن يشاء ويعذب من يشاء ، من دون أن يتدخل أحد في إرادته ، وهو القادر على كل شيء في ذلك وفي غيره ، فليخضع الإنسان للقدرة المطلقة ، وليطلب من الله العفو والمغفرة.
* * *
الحساب على ما يخفيه الإنسان
وقد أثارت هذه الآية كثيرا من الجدل بين المفسرين ، وذلك من خلال دلالتها على أن الله يحاسب الإنسان على ما في نفسه مما يبديه أو مما يخفيه ، وهذا ما قد لا يرتضيه الكثيرون ، على أساس أن الجزاء بالعقاب على الأعمال لا على النيات.
فلذلك ذهب البعض إلى أنها منسوخة لأن ظاهرها المحاسبة ، على كل ما يرد في القلب ، وهو تكليف بما لا يطاق ، مرفوع بقوله تعالى : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) [البقرة : ٢٨٦]. ومنهم من ذهب الى ارتباطها بآية كتمان الشهادة ، أو اختصاصها بالكفار ، ومنهم من فسر المحاسبة بمعنى الإخبار لا العقاب.
وكل هذه الوجوه بعيدة ، لأن النسخ يتوقف على إمكانية التكليف بما لا يطاق مما لا يقدر عليه الإنسان مطلقا ، وهو مستحيل عقلا ، فكيف يمكن أن يشرعه الله ثم ينسخه ، ولأن ارتباطها بآية كتمان الشهادة أو اختصاصها بالكفار مما لا دليل عليه من اللفظ ، أما تفسير المحاسبة بالإخبار لا بالعقاب ، فهو خلاف الظاهر.
وذهب صاحب تفسير الميزان إلى القول : «إنّ الآية إنما تدل على المحاسبة بما في النفوس سواء أظهر أو أخفي ، وأمّا كون الجزاء في صورتي