قال : أشيروا علَيَّ.
قالوا : نشير عليك بيزيد ابن أمير المؤمنين.
قال : وقد رضيتموه؟
قالوا : نعم.
قال : وذاك رأيكم؟
قالوا : نعم ، ورأي مَن بعدنا.
فأصغى إلى عروة ـ وهو أقرب القوم منه مجلساً ـ فقال : لله أبوك! بكم اشترى أبوك من هؤلاء دينهم؟
قال : بأربعمئة.
قال : لقد وجد دينهم عندهم رخيصاً (١).
قالوا : وأعطى معاوية شخصيّات وفد البصرة جوائز ، كلّ واحد مئة ألف درهم ، وكان فيهم الحتات التميمي ـ وكان عثماني الهوى ـ ، فأعطاه سبعين ألفاً ، فرجع إلى معاوية ، فقال : ما ردّك يا أبا مُنازل؟
قال : فضحتني في بني تميم ، أما حسبي صحيح ، أَوَلستُ ذا سنّ؟! أَوَلستُ مطاعاً في عشيرتي؟!
قال معاوية : بلى.
قال : فما بالك خَسَسْتَ بي دون القوم؟!
فقال : إنّي اشتريت من القوم دينهم ، ووكلتك إلى دينك ورأيك في عثمان بن عفّان ـ وكان عثمانياً ـ.
قال : وأنا فاشترِ منّي ديني.
__________________
(١) تاريخ دمشق ٤٠ / ٢٩٨ ، الكامل في التاريخ ٣ / ٣٥٠ حوادث سنة ٥٦ ه