(إِنْ هُوَ إِلاَّ عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَجَعَلْناهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرائِيلَ (٥٩) وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ (٦٠) وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِها وَاتَّبِعُونِ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) (٦١)
____________________________________
تفضيل لآلهتهم على عيسى عليهالسلام لأن المراد بهم الملائكة ومعنى ما ضربوه الخ ما قالوا هذا القول إلا للجدل وقيل لما نزلت إن مثل عيسى الآية قالوا ما يريد محمد بهذا إلا أن نعبده وأنه يستأهل أن يعبد وإن كان بشرا كما عبدت النصارى المسيح وهو بشر ومعنى يصدون يضجون ويضجرون والضمير فى أم هو لمحمد عليه الصلاة والسلام وغرضهم بالموازنة بينه عليهالسلام وبين الهتهم الاستهزاء به وقد جوز أن يكون مرادهم التنصل عما أنكر عليهم من قولهم الملائكة بنات الله تعالى ومن عبادتهم لهم كأنهم قالوا ما قلنا بدعا من القول ولا فعلنا منكرا من الفعل فإن النصارى جعلوا المسيح ابن الله وعبدوه فنحن أشف منهم قولا وفعلا حيث نسبنا إليه الملائكة وهم نسبوا إليه الأناسى فقوله تعالى (إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ) أى بالنبوة (وَجَعَلْناهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرائِيلَ) أى أمرا عجيبا حقيقا بأن يسير ذكره كالأمثال السائرة على الوجه الأول استئناف مسوق لتنزيهه عليهالسلام عن أن ينسب إليه ما نسب إلى الأصنام بطريق الرمز كما نطق به صريحا قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى) الآية وفيه تنبيه على بطلان رأى من رفعه عن رتبة العبودية وتعريض بفساد رأى من يرى رأيهم فى شأن الملائكة وعلى الثانى والرابع لبيان أنه قياس باطل بباطل أو بابطل على زعمهم وما عيسى إلا عبد كسائر العبيد قصارى أمره أنه ممن أنعمنا عليهم بالنبوة وخصصناه ببعض الخواص البديعة بأن خلقناه بوجه بديع وقد خلقنا آدم بوجه أبدع منه فأين هو من رتبة الربوبية ومن أين يتوهم صحة مذهب عبدته حتى يفتخر عبدة الملائكة بكونهم أهدى منهم أو يعتذروا بأن حالهم أشف أو أخف من حالهم وأما على الوجه الثالث فهو لردهم وتكذيبهم فى افترائهم على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ببيان أن عيسى فى الحقيقة وفيما أوحى إلى الرسول عليهما الصلاة والسلام ليس إلا أنه عبد منعم عليه كما ذكر فكيف يرضى عليهالسلام بمعبوديته أو كيف يتوهم الرضا بمعبودية نفسه وقوله تعالى (وَلَوْ نَشاءُ) الخ لتحقيق أن مثل عيسى عليهالسلام ليس ببدع من قدرة الله وأنه تعالى قادر على أبدع من ذلك وأبرع مع التنبيه* على سقوط الملائكة أيضا من درجة المعبودية أى قدرتنا بحيث لو نشاء (لَجَعَلْنا) أى لخلقنا بطريق* التوالد (مِنْكُمْ) وأنتم رجال ليس من شأنكم الولادة (مَلائِكَةً) كما خلقناهم بطريق الإبداع (فِي الْأَرْضِ) مستقرين فيها كما جعلناهم مستقرين فى السماء (يَخْلُفُونَ) أى يخلفونكم مثل أولادكم فيما تأتون وما تذرون ويباشرون الأفاعيل المنوطة بمباشرتكم مع أن شأنهم التسبيح والتقديس فى السماء فمن شأنهم بهذه المثابة بالنسبة إلى القدرة الربانية كيف يتوهم استحقاقهم للمعبودية أو انتسابهم إليه تعالى عن ذلك علوا (وَإِنَّهُ) وإن عيسى (لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ) أى إنه بنزوله شرط من أشراطها وتسميته علما لحصوله به