(إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَما تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدى (٢٣) أَمْ لِلْإِنْسانِ ما تَمَنَّى (٢٤) فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولى) (٢٥)
____________________________________
منه وهى فعلى من الضيز وهو الجور لكنه كسر فاؤه لتسلم الياء كما فعل فى بيض فإن فعلى بالكسر لم يأت فى الوصف وقرىء ضئزى بالهمزة من ضأزه إذا ظلمه على أنه مصدر نعت به وقرىء ضيزى إما على أنه مصدر وصف به كدعوى أو على أنه صفة كسكرى وعطشى (إِنْ هِيَ) الضمير للأصنام أى ما الأصنام باعتبار الألوهية التى يدعونها (إِلَّا أَسْماءٌ) محضة ليس تحتها مما تنبىء هى عنه من معنى* الألوهية شىء ما أصلا وقوله تعالى (سَمَّيْتُمُوها) صفة لأسماء وضميرها لها لا للأصنام والمعنى جعلتموها* أسماء لا جعلتم لها أسماء فإن التسمية نسبة بين الاسم والمسمى فإذا قيست إلى الاسم فمعناها جعله اسما للمسمى وإن قيست إلى المسمى فمعناها جعله مسمى للاسم وإنما اختير ههنا المعنى الأول من غير تعرض للمسمى لتحقيق أن تلك الأصنام التى يسمونها آلهة أسماء مجردة ليس لها مسميات قطعا كما فى قوله تعالى (ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها) الآية لا أن هناك مسميات لكنها لا تستحق التسمية وقيل هى للأسماء الثلاثة المذكورة حيث كانوا يطلقونها على تلك الأصنام لاعتقادهم أنها تستحق العكوف على عبادتها والإعزاز والتقرب إليها بالقرابين وأنت خبير بأنه لو سلم دلالة الأسماء المذكورة على ثبوت تلك المعانى الخاصة للأصنام فليس فى سلبها عنها مزيد فائدة بل إنما هى فى سلب الألوهية عنها كما هو زعمهم المشهور فى حق جميع الأصنام على وجه برهانى فإن انتفاء الموصوف يقتضى انتفاء الوصف بطريق الأولوية أى ما هى إلا أسماء خالية عن المسميات وضعتموها (أَنْتُمْ وَلا آباؤُكُمْ) بمقتضى أهوائكم* الباطلة (ما أَنْزَلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ) برهان تتعلقون به (إِنْ يَتَّبِعُونَ) التفات إلى الغيبة للإيذان بأن* تعداد قبائحهم اقتضى الإعراض عنهم وحكاية جناياتهم لغيرهم أى ما يتبعون فيما ذكر من التسمية والعمل بموجبها (إِلَّا الظَّنَّ) إلا توهم أن ما هم عليه حق توهما باطلا (وَما تَهْوَى الْأَنْفُسُ) أى تشتهيه أنفسهم* الأمارة بالسوء (وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدى) قيل هى حال من فاعل يتبعون أو اعتراض وأيا ما كان* ففيه تأكيد لبطلان اتباع الظن وهوى النفس وزيادة تقبيح لحالهم فإن اتباعهما من أى شخص كان قبيح وممن هداه الله تعالى بإرسال الرسول صلىاللهعليهوسلم وإنزال الكتاب أقبح (أَمْ لِلْإِنْسانِ ما تَمَنَّى) أم منقطعة وما فيها من بل للانتقال من بيان أن ما هم عليه غير مستند إلا إلى توهمهم وهوى أنفسهم إلى بيان أن ذلك مما لا يجدى نفعا أصلا والهمزة للإنكار والنفى أى ليس للإنسان كل ما يتمناه وتشتهيه نفسه من الأمور التى من جملتها أطماعهم الفارغة فى شفاعة الآلهة ونظائرها التى لا تكاد تدخل تحت الوجود (فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولى) تعليل لانتفاء أن يكون للإنسان ما يتمناه حتما فإن اختصاص