(وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (٣٤) وَما يُلَقَّاها إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَما يُلَقَّاها إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (٣٥) وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٣٦) وَمِنْ آياتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) (٣٧)
____________________________________
وعنه أنهم أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقيل نزلت فى المؤذنين والحق أن حكمها عام لكل* من جمع ما فيها من الخصال الحميدة وإن نزلت فيمن ذكر (وَعَمِلَ صالِحاً) فيما بينه وبين ربه (وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) ابتهاجا بأنه منهم أو اتخاذا للإسلام دينا ونحلة من قولهم هذا قول فلان أى مذهبه لا أنه تكلم بذلك وقرىء إنى بنون واحدة (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ) جملة مستأنفة سيقت لبيان محاسن الأعمال الجارية بين العباد إثر بيان محاسن الأعمال الجارية بين العبد وبين الرب عزوجل ترغيبا لرسول الله صلىاللهعليهوسلم فى الصبر على أذية المشركين ومقابلة إسابتهم بالإحسان أى لا تستوى الخصلة الحسنة والسيئة فى الآثار والأحكام ولا التانية مزيدة لتأكيد النفى وقوله تعالى* (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) الخ استئناف مبين لحسن عاقبة الحسنة أى ادفع السيئة حيث اعترضتك من بعض أعاديك بالتى هى أحسن ما يمكن دفعها به من الحسنات كالإحسان إلى من أساء فإنه أحسن من العفو وإخراجه مخرج الجواب عن سؤال من قال كيف أصنع للمبالغة ولذلك وضع أحسن موضع الحسنة وقوله تعالى (فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) بيان لنتيجة الدفع المأمور به أى فإذا فعلت ذلك صار عدوك المشاق مثل الولى الشفيق (وَما يُلَقَّاها) أى ما يلقى هذه الخصلة والسجية التى هى مقابلة الإساءة بالإحسان (إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا) أى شأنهم الصبر (وَما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) من الخير وكمال النفس وقيل الحظ العظيم الجنة وقيل هو الثواب وقيل نزلت فى أبى سفيان بن حرب وكان مؤذيا لرسول الله صلىاللهعليهوسلم فصار وليا مصافيا (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ) النزغ والنسغ بمعنى وهو شبه النخس شبه به وسوسة الشيطان لأنها بعث على الشر وجعل نازغا على طريقة جد جده أو أريد وإما ينزغنك نازغ وصفا للشيطان بالمصدر أى وإن* صرفك الشيطان عما وصيت به من الدفع بالتى هى أحسن (فَاسْتَعِذْ بِاللهِ) من شره ولا قطعه (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ) باستعاذتك (الْعَلِيمُ) بنيتك أو بصلاحك وفى جعل ترك الدفع بالأحسن من آثار نزغات الشيطان مزيد تحذير وتنفير عنه (وَمِنْ آياتِهِ) الدالة على شئونه العظيمة (اللَّيْلُ وَالنَّهارُ).