(نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ (٣١) نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (٣٢) وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صالِحاً وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (٣٣)
____________________________________
الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ) شروع فى بيان حسن أحوال المؤمنين فى الدنيا والآخرة بعد بيان سوء حال الكفرة فيهما أى قالوه اعترافا بربوبيته تعالى وإقرارا بوحدانيته (ثُمَّ اسْتَقامُوا) أى ثبتوا على الإقرار ومقتضياته* على أن ثم للتراخى فى الزمان أو فى الرتبة فإن الاستقامة لها الشأن كله وما روى عن الخلفاء الراشدين رضى الله تعالى عنهم فى معناها من الثبات على الإيمان وإخلاص العمل وأداء الفرائض بيان لجزئياتها (تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ) من جهته تعالى يمدونهم فيما يعن لهم من الأمور الدينية والدنيوية بما يشرح صدورهم ويدفع عنهم الخوف والحزن بطريق الإلهام كما أن الكفرة يغويهم ما قيض لهم من قرناء السوء بتزيين القبائح وقيل تتنزل عند الموت بالبشرى وقيل إذا قاموا من قبورهم وقيل البشرى فى مواطن ثلاثة عند الموت وفى القبر وعند البعث والأظهر هو العموم والإطلاق كما ستعرفه (أَلَّا تَخافُوا) ما تقدمون عليه فإن الخوف غم* يلحق لتوقع المكروه (وَلا تَحْزَنُوا) على ما خلفتم فإنه غم يلحق لوقوعه من فوات نافع أو حصول ضار* وقيل المراد نهيهم عن الغموم على الإطلاق والمعنى أن الله تعالى كتب لكم الأمن من كل غم فلن تذوقوه أبدا وأن إما مفسرة أو مخففة من الثقيلة والأصل بأنه لا تخافوا والهاء ضمير الشأن وقرىء لا تخافوا أى يقولون لا تخافوا على أنه حال من الملائكة أو استئناف (وَأَبْشِرُوا) أى سروا (بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) فى الدنيا على ألسنة الرسل هذا من بشاراتهم فى أحد المواطن الثلاثة وقوله تعالى (نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) الخ من بشاراتهم فى الدنيا أى أعوانكم فى أموركم نلهمكم الحق ونرشدكم إلى ما فيه خيركم وصلاحكم ولعل ذلك عبارة عما يخطر ببال المؤمنين المستمرين على الطاعات من أن ذلك بتوفيق الله تعالى وتأييده لهم بواسطة الملائكة عليهمالسلام (وَفِي الْآخِرَةِ) نمدكم بالشفاعة* ونتلقاكم بالكرامة حين يقع بين الكفرة وقرنائهم ما يقع من التعادى والخصام (وَلَكُمْ فِيها) أى فى الآخرة (ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ) من فنون الطيبات (وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ) ما تمنون افتعال من الدعاء* بمعنى الطلب أى تدعون لأنفسكم وهو أعم من الأول ولكم فى الموضعين خبر وما مبتدأ وفيها حال من ضميره فى الخبر وعدم الاكتفاء بعطف ما تدعون على ما تشتهى للإشباع فى البشارة والإيذان باستقلال كل منهما (نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ) حال مما تدعون مفيدة لكون ما يتمنونه بالنسبة إلى ما يعطون من عظائم الأجور كالنزل للضيف (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعا إِلَى اللهِ) أى إلى توحيده تعالى وطاعته. عن ابن عباس رضى الله عنهما هو رسول الله صلىاللهعليهوسلم دعا إلى الإسلام