قال : ما جاء بك؟ قال : جئنا لنشرب من هذا الماء الّذي حلأتمونا عنه (١) قال : إشرب هنيئاً. قال : أفأشرب والحسين عطشان؟!! ومن ترى من أصحابه؟!!
فقال [عمرو] : لا سبيل إلى سقي هؤلاء! إنّما وُضِعنا بهذا المكان لنمنعهم الماء!!.
فأمر [نافع] أصحابه باقتحام الماء ليملؤوا قِرَبَهم ، فثار إليهم عمرو بن الحجّاج وأصحابه ، فحمل عليهم العبّاس ، ونافع بن هلال فدفعوهم ، ثمّ انصرفوا إلى رحالهم وقد ملؤوا قربهم.
ويقال : إنّهم حالوا بينهم وبين ملئها ، فانصرفوا بشيءٍ يسيرٍ من الماء.
ونادى المهاجر بن أوس التّميميّ : يا حسين! ألا ترى إلى الماء يلوح كأنّه بطون الحيّات ، والله ؛ لا تذوقه أو تموت!!!
فقال [الحسين] : إنّي لأرجو أن يوردنيه الله ويحلأكم عنه.
ويقال : إنّ عمرو بن الحجّاج ، قال : يا حسين! هذا الفرات تلغ فيه الكلاب ، وتشرب منه الحمير والخنازير ؛ والله ، لا تذوق منه جرعة حتّى تذوق الحميم في نار جهنّم!!! (٢)
قال الدينوري : قالوا : ولمّا اشتدّ بالحسين وأصحابه العطش ؛ أمر أخاه العبّاس بن عليّ ـ وكانت أمّه من بني عامر بن صعصعه ـ أن يمضي في
__________________
(١) يقال : «حلاء عن الماء» : طرده عنه ومنعه عن وروده.
(٢) البلاذري ، أنساب الأشراف ، (٣ / ١٩٠).