(كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْواهِهِمْ وَتَأْبى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فاسِقُونَ) (٨)
____________________________________
النصب على التشبيه بالحال أو الظرف وقيل من الكون الناقص وكيف خبر يكون قدم على اسمه وهو عهد لاقتضائه الصدارة وللمشركين متعلق بمحذوف وقع حالا من عهد ولو كان مؤخرا لكان صفة له أو بيكون عند من يجوز عمل الأفعال الناقصة فى الظروف وعند متعلق بمحذوف وقع صفة لعهد أو بنفسه لأنه مصدر أو بيكون كما مر ويجوز أن يكون الخبر للمشركين وعند كما ذكر أو متعلق بالاستقرار الذى تعلق به للمشركين ويجوز أن يكون الخبر عند الله وللمشركين إما تبيين وإما حال من عهد وإما متعلق بيكون أو بالاستقرار الذى تعلق به الخبر ولا يبالى بتقديم معمول الخبر على الاسم لكونه حرف جر وكيف على الوجهين الأخيرين نصب على التشبيه بالظرف أو الحال كما فى صورة الكون التام وهو الأولى لأن فى إنكار ثبوت العهد فى نفسه من المبالغة ما ليس فى إنكار ثبوته للمشركين لأن ثبوته الرابطى فرع ثبوته العينى فانتفاء الأصل يوجب انتفاء الفرع رأسا وفى توجيه الإنكار إلى كيفية ثبوت العهد من المبالغة ما ليس فى توجيهه إلى ثبوته لأن كل موجود يجب أن يكون وجوده على حال من الأحوال قطعا فإذا انتفى جميع أحوال وجوده فقد انتفى وجوده على الطريق البرهانى أى على أى أوفى أى حال يوجد لهم عهد معتد به (عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ) يستحق أن يراعى حقوقه ويحافظ عليه إلى إتمام المدة ولا يتعرض لهم بحسبه* قتلا ولا أخذا وأما أن يأمنوا به من عذاب الآخرة كما قيل فلا سبيل إلى اعتباره أصلا إذ لا دخل لعهدهم فى ذلك الأمن قطعا وإن كان مرعيا عند الله تعالى وعند رسوله كعهد غير الناكثين وتكرير كلمة عند للإيذان بعدم الاعتداد به عند كل منهما على حدة (إِلَّا الَّذِينَ) استدراك من النفى المفهوم من الاستفهام* المتبادر شموله لجميع المعاهدين أى لكن الذين (عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) وهم المستثنون فيما سلف* والتعرض لكون المعاهدة عند المسجد الحرام لزيادة بيان أصحابها والإشعار بسبب وكادتها ومحله الرفع على الابتداء خبره قوله تعالى (فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ) والفاء لتضمنه معنى الشرط وما إما* مصدرية منصوبة المحل على الظرفية بتقدير المضاف أى فاستقيموا لهم مدة استقامتهم لكم وإما شرطية منصوبة المحل على الظرفية الزمانية أى أى زمان استقاموا لكم فاستقيموا لهم أو مرفوعة على الابتداء والعائد محذوف أى أى زمان استقاموا لكم فيه فاستقيموا لهم فيه وقيل الاستثناء متصل محله النصب على الأصل أو الجر على البدل من المشركين والمراد بهم الجنس لا المعهود وأيا ما كان فحكم الأمر بالاستقامة ينتهى بانتهاء مدة العهد لأن استقامتهم التى وقت بوقتها الاستقامة المأمور بها عبارة عن مراعاة حقوق العهد وبعد انقضاء مدته لا عهد ولا استقامة فصار عين الأمر الوارد فيما سلف حيث قيل فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم خلا أنه قد صرح ههنا بما لم يصرح به هناك مع كونه معتبرا قطعا وهو تقييد الإتمام المأمور به ببقائهم على ما كانوا عليه من الوفاء (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) تعليل للأمر بالاستقامة* وإشعار بأن القيام بموجب العهد من أحكام التقوى كما مر (كَيْفَ) تكرير لاستنكار ما مر من أن