(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقامِي وَتَذْكِيرِي بِآياتِ اللهِ فَعَلَى اللهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ) (٧١)
____________________________________
(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ) أى على المشركين من أهل مكة وغيرهم لتحقيق ما سبق من أنهم لا يفلحون وأن ما يتمتعون* به على جناح الفوات وأنهم مشرفون على العذاب الخالد (نَبَأَ نُوحٍ) أى خبره الذى له شأن وخطر مع قومه الذين هم أضراب قومك فى الكفر والعناد ليتدبروا ما فيه من زوال ما تمتعوا به من النعيم وحلول عذاب الغرق الموصول بالعذاب المقيم لينزجروا بذلك عما هم عليه من الكفر أو تنكسر شدة شكيمتهم أو يعترف بعضهم بصحة نبوتك بأن عرفوا أن ما تتلوه موافقا لما ثبت عندهم من غير مخالفة بينهما أصلا مع علمهم بأنك لم تسمع ذلك من أحد ليس إلا بطريق الوحى وفيه من تقرير ما سبق من كون الكل لله سبحانه واختصاص العزة به تعالى وانتفاء الخوف والحزن عن أوليائه عز وعلا قاطبة وتشجيع النبى* صلىاللهعليهوسلم وحمله على عدم المبالاة بهم وبأقوالهم وأفعالهم ما لا يخفى (إِذْ قالَ) معمول لنبأ أو بدل منه بدل* اشتمال وأيا ما كان فالمراد بعض نبئه صلىاللهعليهوسلم لا كل ما جرى بينه وبين قومه واللام فى قوله تعالى (لِقَوْمِهِ) * للتبليغ (يا قَوْمِ إِنْ كانَ كَبُرَ) أى عظم وشق (عَلَيْكُمْ مَقامِي) أى نفسى كما يقال فعلته لمكان فلان أى لفلان ومنه قوله تعالى (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ) أى خاف ربه أو قيامى ومكثى بين ظهرانيكم مدة طويلة أو قيامى* (وَتَذْكِيرِي بِآياتِ اللهِ) فإنهم كانوا إذا وعظوا الجماعة يقومون على أرجلهم والجماعة قعود ليظهر حالهم* ويسمع مقالهم (فَعَلَى اللهِ تَوَكَّلْتُ) جواب للشرط أى دمت على تخصيص التوكل به تعالى ويجوز أن* يراد به إحداث مرتبة مخصوصة من مراتب التوكل (فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ) عطف على الجواب والفاء لترتيب الأمر بالإجماع على التوكل لا لترتيب نفس الإجماع عليه أو هو الجواب وما سبق جملة معترضة والإجماع العزم قيل هو متعد بنفسه وقيل فيه حذف وإيصال قال السدوسى أجمعت الأمر أفصح من أجمعت عليه وقال أبو الهيثم أجمع أمره جعله مجموعا بعد ما كان متفرقا وتفرقه أنه يقول مرة أفعل كذا وأخرى أفعل* كذا وإذا عزم على أمروا حد فقد جمعه أى جعله جميعا (وَشُرَكاءَكُمْ) بالنصب على أن الواو بمعنى مع كما تدل عليه القراءة بالرفع عطفا على الضمير المتصل تنزيلا للفصل منزلة التأكيد وإسناد الإجماع إلى الشركاء على طريقة التهكم وقيل إنه عطف على أمركم بحذف المضاف أى أمر شركائكم وقيل منصوب بفعل محذوف أى وادعوا شركاءكم وقد قرىء كذلك وقرىء فاجمعوا من الجمع أى فاعزموا على أمركم الذى تريدون بى من السعى فى إهلاكى واحتشدوا فيه على أى وجه يمكنكم (ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ) ذلك (عَلَيْكُمْ غُمَّةً) أى مستورا من غمه إذا ستره بل مكشوفا مشهورا تجاهروننى به فإن السر إنما يصار إليه لسد باب تدارك الخلاص بالهرب أو نحوه فحيث استحال ذلك فى حقى لم يكن للسروجه وإنما خاطبهم صلىاللهعليهوسلم بذلك إظهارا لعدم المبالاة بهم وأنهم لم يجدوا إليه سبيلا وثقة بالله سبحانه وبما وعده من عصمته وكلاءته فكلمة ثم للتراخى فى